• مكانة الإجماع: الإجماع هو الأصل الثالث من الأصول التي تستمد منها الشريعة الأحكام، ويذكره علماء الأصول بعد الحديث عن الأصلين الأولين (الكتاب والسنة)، فهو المصدر الثالث من مصادر التشريع الإِسلامي.
بل عند تعارض الأدلة النصية من الكتاب والسنة مع الإجماع؛ فقال بعض العلماء بتقديم الإجماع عليهما (?)، وذلك لعدم تصور احتمال النسخ في إجماع العلماء واتفاقهم في تلك المسألة على رأي موحد، كما هو محتمل في النصوص (?).
ولأن الإجماع مستند في الحقيقة إلى نصوص شرعية، سواء علمناها وتوصلنا إليها من خلال المصادر المتوفرة، أم لم نتمكن من الوصول إليها، كما هو الراجح في هذه المسألة (?).
يقول ابن النجار الفتوحي الحنبلي رحمه اللَّه: "ولأن الإجماع معصوم عن مخالفته دليلًا شرعيًّا لا معارض له، ولا مزيل عن دلالته، فيتعين إذا وجدناه خالف شيئًا أَنَّ ذلك إما غير صحيح إن أمكن ذلك، أو أنه مؤول، أو نسخ بناسخ؛ لأن إجماعهم حق، فالإجماع دليل على النسخ لا رافع للحكم. . . " (?).
ويقول أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي رحمه اللَّه: "فحكمه - أي الإجماع -: أن يُصار إليه ويُعمل به، ولا يجوز تركه بحال؛ إذ لا يتسلط على حكمه بعد ثبوته نسخ؛ لأنه لا طريق إلى النسخ بعد انقطاع الوحي، ولا نص يعارضه، ولا لنا إجماع يعارضه، بخلاف ما قلنا في النص الذي يعارضه نص آخر؛ لاجتماع نصين في زمنٍ واحد؛ لأن النصين يصدران عن عصرٍ يجتمع فيه النصان، وهو عصر النبوة، والإجماع لا يتحقق