الثاني: أن هذه الأحاديث لم تزل مشهورة بين الصحابة -رضي اللَّه عنهم- والتابعين، يتمسكون بها في إثبات الإجماع، ولا يظهر أحد فيها خلافًا حتى جاء من أنكر حجية الإجماع، والعاده جارية باستحالة توافق الأمة في كل العصور -قبل ظهور الخلاف في حجية الإجماع- على الاحتجاج بما لا أصل له في إثبات أصل من أصول الشريعة؛ وهو الإجماع، من غير أن ينبه أحد على فساده وإنكاره (?).

• ثالثًا: من المعقول:

1 - كانت الأمم السابقة إذا ضلت عن الطريق بعث اللَّه لها نبيًّا يعيدها إلى الصواب، ومحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- آخر الأنبياء، ولا نبي بعده، وأمته معصومة عن الخطأ؛ لتكون عصمتها عوضًا عن بعث نبي (?).

2 - ثبت أن نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- آخر الأنبياء، وشريعته قائمة إلى قيام الساعة، فمتى وقعت حوادث ليس فيها نص قاطع من القرآن أو السنة، وأجمعت الأمة على حكمها، ولم يكن إجماعهم حجة، فقد انقطعت الشريعة في بعض الأشياء، فلا تكون شريعة دائمة، فيؤدي إلى الخلف في إخبار الشارع، وذلك محال (?).

3 - إذا اتفق الجمع الغفير في كل عصر على حكم قضية، وجزموا به جزمًا قاطعًا، فالعادة تمنع على مثلهم الجزم بحكم لا يستند إلى دليل قاطع، بحيث لا يتنبه أحدهم لوجود خطأ (?).

4 - أن أهل كل عصر يُخَطِّئون من خالف الإجماع ممن قبلهم، ولولا اعتبار الإجماع لما خطَّؤوا من خالفه (?).

القول الثاني: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه، وداود الظاهري (?) أن الحجة في إجماع الصحابة -رضي اللَّه عنهم- دون غيرهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015