أن صفة الوضوء تلقيناها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن يفصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أعضاء وضوئه، ولو كان جائزاً لفعله ولو مرة واحدة لبيان الجواز، فمن فرق وضوءه فقد عمل عملاً مخالفاً لصفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
أن الوضوء عبادة واحدة، فإذا فرق بين أجزائها لم تكن عبادة واحدة.
قالوا: إن الوضوء عبادة يفسدها الحدث، فاشترط لها الموالاة كالصلاة.
وهذا الدليل والذي قبله فيه ما فيه.
أما أدلتهم على وجوب الموالاة فهي أدلة الحنابلة المتقدمة فإنها تدل على وجوب الموالاة.
وأما دليلهم على سقوط الموالاة للعذر ومنه النسيان، فأدلة كثيرة منها:
أن أصول الشريعة في جميع مواردها تفرق بين القادر والعاجز، والمفرط والمعتدي ومن ليس كذلك، فمن ترك الموالاة لعذر كما لو كان المكان الذي يأخذ منه الماء لا يحصل له إلا متفرقاً، أو انقطع الماء فطلب ماء آخر أو لغير ذلك من الأعذار فإن هذا لم يمكنه أن يفعل ما أمر به إلا هكذا، فإذا حصل له ماء آخر فأكمل وضوءه فقد اتقى الله ما استطاع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.