هذا ما أردت الإشارة إليه، وقد تبين لنا أن عمل أئمة الحديث من الدقة بحيث تكون كل زيادة معرضة للنقد، فتجري مقارنة بين ألفاظ جميع من روى الحديث عن هذا الشيخ، وينظر في ما اتفقوا عليه، وتمحص تلك الزيادة التي قد يزيدها بعض الرواة، هل تابعه عليها أحد، أم لا؟ وهل من ذكرها أحفظ ممن لم يذكرها أم لا؟ فدراسة الاسناد سهلة جداً، وهي كد كثير من المتأخرين مع الأسف، فمعرفة هل الرواي ثقة أو ضعيف ليس عملاً شاقاً، فيكفي أن يقلب الباحث التقريب ليعرف درجة الراوي في الحفظ، ولكن دراسة المتن، والعناية به، ومقارنة المتون بعضها ببعض، لينظر تصرف بعض الرواة في المتن، وروايتهم له بالمعنى، فإن الفهم قد يدخله ما يدخله، والضبط عند الرواة ليس بدرجة واحدة، ورحم الله الإمام أحمد حين كان يتهيب في قبول زيادة من إمام في الحفظ مثل الإمام مالك حتى وجده قد توبع.
قال الترمذي في العلل الصغير: روى مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر في رمضان على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى، من المسلمين صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير. فزاد مالك كلمة (من المسلمين)
قال ابن رجب في شرحه لهذا النص: قال أحمد في رواية عنه: كنت أتهيب حديث مالك (من المسلمين) يعني: حتى وجده من حديث العمريين، قيل له: محفوظ عندك (من المسلمين)؟ قال: نعم. قال ابن رجب: وهذه الرواية تدل على توقفه في زيادة واحد من الثقات، ولو كان مثل مالك حتى يتابع على تلك الزيادة (?). اهـ والله أعلم.