وكذلك تجد أصحاب الشافعي إنما يعولون في مذهبه على رواية المزني، والربيع بن سليمان المرادي، فإذا جاءت رواية حرملة والجيزي وأمثالهما لم يلتفتوا إليها، ولم يعتدوا بها في أقاويله.
وعلى هذا عادة كل فرقة من العلماء في أحكام مذاهب أئمتهم وأستاذيهم، فإذا كان هذا دأبهم، وكانوا لا يقتنعون في أمر هذه الفروع ورواياتها عن هؤلاء الشيوخ إلا بالوثيقة والثبت، فكيف يجوز لهم أن يتساهلوا في الأمر الأهم، والخطب الأعظم؟ وأن يتواكلوا الرواية والنقل عن إمام الأئمة، ورسول رب العزة، الواجب حكمه، اللازمة طاعته، الذي يجب علينا التسليم لحكمه، والانقياد لأمره من حيث لا نجد في أنفسنا حرجاً مما قضاه، ولا في صدورنا إلا من شيء مما أبرمه وأمضاه" (?).
إلى آخر كلامه رحمه الله، وهو كلام نفيس نقلته رغم طوله، وهو يدل على أن أهل الحديث لا غنى لهم عن الفقه، وكذلك العكس، لذا حاولت في هذه الرسالة أن أجمع بين أقوال الفقهاء، وبين أدلة المحدثين.
سادساً: حاولت قدر الإمكان أن أقر بعض الكتب الطبية في الحيض والنفاس، خاصة في تلك المسائل التي هي محل خلاف بين الفقهاء، ومردها إلى الأطباء، وذلك مثل نحو حيض الحامل، وتخلق الجنين، وتكرار الحيض في الشهر أكثر من مرة ونحوها، وقد رجعت عن اختياري في بعض المسائل حين