وقد كانت أحكام الحيض موضوع اهتمامي ضمن مشروع فقهي مقارن بلغ أحكام الطهارة منه ثلاثة عشر مجلداً، وحين رأيت أن الكتب المتخصصة في أحكام الحيض نادرة، وأكثرها يقع ضمن كتب الفقه أو شروح أحاديث الصحاح والسنن رأيت أن أكتب رسالة فى أحكام الحيض تجمع بين أقوال الفقهاء، وبين أدلة المحدثين، وتعتمد من الأقوال على أرجحها، دون تقيد بمذهب معين وتتناول الأحاديث على قواعد المحدثين، ليتبين الصحيح منها من الضعيف وقد سلكت في هذه الرسالة المنهج التالي:
أولاً: بالنسبة للأحاديث قمت بدراستها، وتخريجها، والكلام عليها صحة وضعفاً، ولم أكتف بدراسة الأسانيد، بل صرفت عناية كبيرة لدراسة المتون، وسقت الاختلاف على الرواة في ألفاظها، وبيان الراجح منها والمرجوح، ولقد حَكَّمت في الزيادات الواردة فى بعض الأحادث منهج جمهور المحدثين، ولم أقبل منهج جمهور الفقهاء والأصوليين، والمتأخرين من المحدثين الذين يقبلون كل زيادة تأتي من صدوق أو ثقة ما دام أن الزيادة ليست منافية لرواية الباقين.
ولهذا المنهج ضعفت كثيراً من أحاديث الاستحاضة، وقد أكون بتضعيفي هذا خالفت من سبقني إلى هذا العلم العزيز، وممن هو في سن مشايخي، وأعلم مني، ولكن الحق قد يدركه المفضول ويغيب عن الفاضل. وحسبي أني قد ذكرت حجتي، وهذا مبلغ علمي، واستفراغ وسعي، ولأن أخطئ في اجتهاد معذور فيه، أحب إليَّ من أن أصيب في تقليدٍ ألام عليه.