وَلما فرق نَفَقَة المماليك السُّلْطَانِيَّة لكل وَاحِد مائَة دِينَار منع الْأُمَرَاء مِنْهَا قاطبة، وَكَذَلِكَ أَوْلَاد النَّاس والخدم والمتعممين؛ فَانْطَلَقت الألسن بالوقيعة فِيهِ، وَسَاءَتْ القالة فِي حَقه، وأبغضته النَّاس. وَزَاد شَرّ الأجلاب فِي أَيَّامه.

ودام على ذَلِك، إِلَى أَن حدثته نَفسه فِي أَخذ خير بك وخجداشيته؛ فدبر تدبيرا نَاقِصا كَانَ فِيهِ تدميره وخلعه من الْملك [بِالْملكِ] لظَاهِر تمربغا فِي يَوْم السبت سَابِع جُمَادَى الأول من سنة إثنتين وَسبعين وَثَمَانمِائَة.

فَكَانَت مُدَّة ملكه شَهْرَيْن إِلَّا أَرْبَعَة أَيَّام، لَيْسَ لَهُ فِيهَا إِلَّا مُجَرّد الأسم فَقَط.

وَلم نعلم أحدا من أكَابِر الْمُلُوك فِي السن مِمَّن مَسّه الرّقّ خلع من السلطنة فِي أقل مُدَّة مِنْهُ، وَلَا أكبر سنا.

وَبِالْجُمْلَةِ، إِنَّه كَانَ أشر مُلُوك التّرْك، وأقبحهم وَجها وأفعالا، وَكَانَت أَيَّامه أَيْضا أشر أَيَّام مَعَ قصرهَا.

وَلما خلع من السلطنة حبس بقاعة البحرة، إِلَى لَيْلَة الثُّلَاثَاء عَاشر جُمَادَى الأول من السّنة الْمَذْكُورَة، حمل فِي النّيل إِلَى سجن الأسكندرية - ومسفره قانصوه اليحياوي الظَّاهِرِيّ المستقر فِي نِيَابَة الأسكندرية - عوضا عَن كسباى المؤيدي -؛ فدام فِي السجْن، إِلَى أَن مرض فِي الْعشْر الْأَخير من صفر سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة [أَيَّامًا] ، وَمَات فِي لَيْلَة الأثنين أول شهر ربيع الأول، وَدفن بثغر الأسكندرية من الْغَد، وَقد جَاوز السّبْعين من الْعُمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015