قد تقدم ذكر مولده وَنسبه فِي أول سلطنته.
وَلما أَن قتل [الْملك] الْمَنْصُور [حسام الدّين] لاجين اتّفق الْأُمَرَاء المصريون على سلطنته ثَانِيًا، وحلفوا لَهُ فِي غيبته، وأحضروه من الكرك وسلطنوه. وَصَارَ الْأَمِير سلار نَائِب السلطنة [وحسام الدّين لاجين الأستادار أتابكا وبيبرس الجاشنكير أستادارا والأمير] آقوش الأفرم الصَّغِير نَائِبا على دمشق.
وَكَانَ عمر [الْملك] النَّاصِر يَوْم عوده إِلَى الْملك خمس عشرَة سنة.
وَفِيه يَقُول الشَّيْخ عَلَاء الدّين الوداعي:
(الْملك النَّاصِر قد أَقبلت ... دولته مشرقة الشَّمْس)
(عَاد إِلَى كرسيه مِثْلَمَا ... عَاد سُلَيْمَان إِلَى الْكُرْسِيّ)
وَاسْتمرّ [الْملك] النَّاصِر [مُحَمَّد] فِي السلطنة، وَخرج من الديار المصرية لقِتَال التتار لما حَضَرُوا إِلَى الشَّام فِي أَوَائِل سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة، وَدخل دمشق فِي ثامن شهر ربيع الأول.
وعدى التتار الْفُرَات، وَخرج [الْملك] النَّاصِر بالعساكر لتلقيهم؛ فالتقاهم بوادي الخازندار - خَارج حمص - فَكَانَ بَين الْفَرِيقَيْنِ وقْعَة عَظِيمَة،