وَالْمَقْصُود: أَن صَلَاح الدّين هَذَا لما ولى الوزارة للعاضد اسْتمرّ على ذَلِك إِلَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة أرسل الْملك الْعَادِل نور الدّين مَحْمُود إِلَى صَلَاح الدّين هَذَا يَأْمُرهُ بِقطع الْخطْبَة للعاضد بِمصْر وَإِقَامَة الْخطْبَة بهَا للمستضئ حسن العباسي خَليفَة بَغْدَاد؛ فَأرْسل صَلَاح الدّين لنُور الدّين يعْتَذر بالخوف من وثوب أهل مصر وامتناعهم من الْإِجَابَة إِلَى ذَلِك؛ فَأرْسل نور الدّين ثَانِيًا إِلَى صَلَاح الدّين بذلك، وخشن لَهُ فِي القَوْل وألزمه بذلك.

وَكَانَ نور الدّين يُكَاتب صَلَاح الدّين بالأمير الاسفهسلار وَيكْتب علامته فِي الْكتب تَعْظِيمًا أَن يكْتب إسمه.

وَكَانَ لَا يفرد صَلَاح الدّين بمكاتبة وَحده، بل يكْتب لَهُ ولكافة الْأُمَرَاء الَّذين بِمصْر يَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِن كَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدّين هُوَ عظيمهم واعتماد نور الدّين عَلَيْهِ.

وَلما ألزم نور الدّين صَلَاح بِقطع إسم العاضد من الْخطْبَة اسْتَشَارَ صَلَاح الدّين الْأُمَرَاء الَّذين هم رفقته من عِنْد نور الدّين كَيفَ يكون الأبتداء بِالْخطْبَةِ للعباسية؟ ؛ فاختلفت أَقْوَالهم، إِلَى أَن قَامَ رجل أعجمي يعرف بالأمير الْعَالم لما رأى مَا هم فِيهِ من الإحجام قَالَ: أَنا أبتدئ بهَا.

فَلَمَّا كَانَ أول جُمُعَة من الْمحرم من سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة صعد الْمِنْبَر قبل الْخَطِيب ودعى للخليفة المستضئ العباسي خَليفَة بَغْدَاد؛ فَلم يتَكَلَّم أحد من المصريين، وَلَا أَنْكَرُوا ذَلِك.

فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِيَة أَمر صَلَاح الدّين الخطباء [بِمصْر والقاهرة] بِقطع إسم العاضد العبيدي من الْخطْبَة وَإِقَامَة الْخطْبَة باسم المستضئ حسن العباسي؛ فَفَعَلُوا ذَلِك.

وَكتب صَلَاح الدّين إِلَى نور الدّين يعرفهُ بذلك.

وَمَات العاضد فِي يَوْم عَاشُورَاء قبل أَن يبلغة، [وَقيل: بلغَة] ؛ فَاغْتَمَّ وَمَات - حَسْبَمَا ذَكرْنَاهُ -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015