"قرطاجنة"، كما أنه جدد مسجدها وأحسن بناءه، وأقام في المدينة يوجه منها شئون البلاد ويدير أحوالها. وقد عمرها المسلمون حتى انتشر فيها العمران، واتسعت رقعتها1.
2- ولم يكن حسان مطمئنا من ناحية الروم، وكان يرى أن سقوط "قرطاجنة" وتخريبها لا يمنع من عودتهم إلى مكان آخر من الساحل، فعول على إنشاء ميناء إسلامي جديد على مقربة من "قرطاجنة" ليشرف على البحر، ويحول بين الروم وبين الاقتراب. ومن هنا شرع في بناء مدينة "تونس"2 "سنة 84هـ/ 703م"، وتزويدها بدار صناعة لبناء الأساطيل.
وعلى الرغم من أن "تونس" لم تزد -عند إنشائها في عهد حسان بن النعمان- عن محرس صغير به بعض المساجد والمباني السكنية ودار صناعة السفن -فإنها ستصبح بعد ذلك بثلاثين سنة في ولاية عبيد الله بن الحبحاب "116-123هـ" ثغر إفريقية الكبير، ويتكون فيها أسطول عظيم يغزو المسلمون به جزيرة "صقلية" وجنوب إيطاليا، بل وجنوبي فرنسا، ويمهدون به السبيل للسيطرة على غرب البحر الأبيض المتوسط3.
3- وكان حسان بن النعمان أول من أدخل البربر بشكل منظم في الجيش العربي الإفريقي وحرص على أن يشرك معه نفرا من أهل القبائل في حروبه، وجعل اشتراكهم معه في الحرب شرطا لتأمينهم، أي إنه فرض الخدمة العسكرية على أهلها البلاد، جنبا إلى جنب مع العرب. وكانت تلك خطوة موفقة استطاع بها حسان أن يضمن ولاء البربر، وأن يحبب إليهم الإسلام. وإذا كان الغرض من الفتح الإسلامي هو نشر الإسلام والتعريب -وتلك هي رسالة المسلمين- فإن انضمام البربر إلى الجيش العربي، يعني دخولهم في الإسلام.