الروايات أن عقبة عامل "كسيلة" بما لا يليق به كقائد، وبما يتناسب معه كحديث عهد بالإسلام1.
بدأ عقبة رحلة العودة إلى القيروان، فاتخذ طريقه نحو "طنجة" لكي يعود إلى "المغرب الأوسط" وعندما وصل إلى "بلاد الزاب" في "بلاد الجزائر" -وعند بلدة "طبنة" "وعلى مسيرة ثمانية أيام من القيروان"- بعث بمعظم جنده إلى القيروان على عجل ولم يبق معه إلا جزءا صغيرا من الجيش يقدر بخمسة آلاف؛ لينهي به لما قد أجله في أول الحملة من ترك عدد من الحاميات الرومية معتصمة بقلاعها. ولعل السبب الذي جعل عقبة يرسل معظم الجيش إلى القيران يعود إلى أن أخبارا مقلقة قد وصلته "على ما يرى بعض الدراسين" أو أنه اطمأن إلى ما أنجزه في المغرب الأقصى كما يرى آخرون2. ويعلل ابن عذارى إرساله هذا العسكر إلى القيروان برغبة الجند في الإسراء "للإياب إلى أحيائهم، والبدار إلى عيالهم"3. ويضيف تعليلا آخر فيقول: "ثقة منه بما دوخ من البلاد، وأنه لا يقوم له أحد"4.
وقد آثر عقبة أن يعرج -بمن بقي معه من الجنود- على مدينة "تهوذة" في أحواز نهر الزاب، للاستيلاء عليها، وإقامة حامية من فرسانه دائمة فيها5. وهنا يظهر على مسرح الأحداث الزعيم البربري "كسيلة". وكان قد استطاع الفرار من جيش عقبة، وأخذ يتحين الفرصة المناسبة للقضاء عليه. وكان عيون الروم وجواسيسهم في هذه المنطقة قد بعثوا إليه، "فأعلموه بقلة من معه -أي عقبة- فجمع له جمعا كبير من الروم والبربر "قدر بخمسين ألف مقاتل" وزحف إليه ليلا حتى نزل بالقرب منه"6.
ولم تكن إساءة عقبة إلى "كسيلة" -رغم ما نراه من بعض المبالغة فيما أوردته