على المغرب من سنة 78هـ": "أمم ليس لها غاية، ولا يقف أحد منها على نهاية، كلما بادت أمة خلفتها أمم، وهم من الحفل والكثرة كسائمة النعم"1.
ولم يتمكن المسلمون من السيطرة على المغرب تماما إلا بعد أن ابتعدوا عن سياسة المواجهة العسكرية العنيفة، وعملوا على اكتساب البربر عن طريق نشر الإسلام بينهم، وإدخالهم في الجيوش العربية كجنود محاربين، وإشراكهم في تسيير الإدارة الجديدة، وإدماجهم مع إخوانهم العرب المسلمين في ديوان الجند دون تمييز.
2- ما طرأ على المسلمين من مشكلات وفتن شغلتهم عن مواصلة الفتح، أو حالت بينهم وبين أن يتعهدوه بما ينبغي من العناية والاهتمام. وأهم هذه المشكلات الفتنة الكبرى التي صدعت الجبهة الداخلية، وانتهت بمقتل الخليفة الشهيد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- "سنة 35هـ". ثم هناك الخلاف بين علي بن أبي طالب، وبين طلحة بن عبيد الله، والزبير وعائشة -رضي الله عنهم جميعا- والذي انتهى بموقعة الجمل "35هـ". ثم هناك الصدام الذي نشأ بين علي بن أبي طالب وبين معاوية -رضي الله عنهما، وطبع بصماته على كل شبر من الدولة الإسلامية. ثم ما صادف معاوية بعد ذلك من عقبات كان لا بد من مواجهتها قبل تأمين الخلافة، وما قابله خلفاؤه -من بعده حتى عهد عبد الملك بن مروان "65-86هـ" من مشاكل المطالبين بالخلافة، مثل الحسين بن علي، وعبد الله بن الزبير، والخوارج. كل ذلك له أثره الواضح في انصراف الحكومة المركزية عن متابعة وتنظيم الفتح الإسلامي للمغرب، مما كان سببا في إطالة مدة الفتح على هذه الصورة2.
3- عدم وجود قواعد ثابتة للفتح في "إفريقية -المغرب". ولقد كان الفتح الإسلامي للمنطقة -وحتى تأسيس مدينة القيروان "سنة 50-55هـ"- مجرد محاولات استكشافية، أو حملات يمكن أن ندرجها تحت ما نعبر عنه بـ "جس النبض" دون أن تهدف إلى الاستقرار في المنطقة. وربما لم يكن المسلمون قد كونوا فكرة واضحة عن أبعاد هذه البلاد وسكانها. وكانوا يعودودن -بعد كل عملية حربية- إلى "الفسطاط" القاعدة الحربية في مصر -دون ترك قوات كافية للحفاظ