تجمع الجيش الإسلامي -بعد العبور- عند جبل "كالبي" "Cصلى الله عليه وسلمLPصلى الله عليه وسلم" الذي عرف فيما بعد باسم "جبل طارق"، وأقام طارق بتلك المنطقة عدة أيام بني خلالها سورا أحاط بجيوشه سماه "سور العرب"1، وأقام قاعدة حربية بجوار الجبل على الساحل لحماية الجيش من الخلف في حالة الانسحاب، في موضع يقابل "الجزيرة الخضراء" وعليه أقيمت هذه المدينة فيما بعد. "وهذا الميناء يسهل اتصاله بميناء "سبتة" المغربي، على حين يصعب اتصاله بإسبانيا لوجود مرتفعات بينهما"2. ولم يمض وقت طويل حتى اشتبك الجيش الإسلامي مع قوات القوط في عدة معارك بالقرب من "الجزيرة الخضراء" انتصر فيها المسلمون يقول الرازي -وهو من كبار المؤرخين الأندلسيين- "لما بلغ لذريق خبر طارق ومن معه ومكانهم الذي هم فيه بعث إليهم الجيوش، جيشا بعد جيش. وكان قد قود على أحدهم ابن أخت له يسمى "ينج" وكان أكبر رجاله، فكانوا عند كل لقاء يهزمون ويقتلون، وقتل "ينج" وهزم عسكره"، فقوى المسلمون، وركب الرجالة الخيل، وانتشروا بناحيتهم التي جازوا بها"3.

ثانيا: معركة وادي برباط "أو: وادي لكه": الفاصلة

وبينما كان لذريق مشغولا بإخماد بعض الثورات في "بنبلونة" -في الشمال- جاءه الخبر بمجيء الجيوش الإسلامية وانتصارهم على قواته في عدد من المعارك، فهاله ما حدث، وأصيب بهلع ورعب شديدين، وكر راجعا إلى "طليطلة"، وبدأ يعبأ جيشه للقاء المسلمين. ويذكر المؤرخون أنه جمع مائة ألف مقاتل. وقيل سبعين ألفا4. وقد وصلت أنباء تلك الحشود إلى طارق بن زياد، فكتب إلى موسى بن نصير يستمده، فأمده بخمسة آلاف جندي، على رأسهم "طريف بن مالك" وأغلبهم من الفرسان، وبهم كملت عدة الجيش الإسلامي اثني عشر ألفا5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015