"Rodrgo" -ويعربه العرب إلى "لذريق"- بالاستيلاء على السلطة، وعزل الملك "غيطشة" "Witiza" وأصبح الحاكم الفعلي للبلاد، واتبع سياسة ظالمة، فتغيرت قلوب الناس عليه، واشتعلت ضده نيران الثورات في "طليطلة" وغيرها، يقودها أتباع الملك السابق وأفراد أسرته، حيث كانوا يتحينون الفرصة لاستعادة ملكهم، وقد وجودها في الفتح الإسلامي، فلجأوا إلى المسلمين للاستعانة بهم1.
مقدمات الفتح:
بعد أن اغتصب "لذريق" عرق إسبانيا أمعن في مطاردة أفراد بيت الملك "غيطشة" وتتبع أنصاره بالأذى، ففروا من إسبانيا والتمسوا سبل النجاة، إما إلى أقصى الشمال، أو إلى مدينة "سبتة" وهي ولاية إفريقية تابعة للقوط، وكانت حصنا منيعا من الحصون الإفريقية التي لم يخضها المسلمون بعد، كما كانت ثغرا له قيمته على مضيق جبل طارق. ويبدوا أن حاكم "سبتة" آنذاك -ويدعى "يليان" "JULIصلى الله عليه وسلمN" كان من أنصار الملك "غيطشة" وأنه كان يدين له بالولاء. ويقال: إنه كان يمت بصلة القرابة والنسب إلى أسرة الملك، فلما انتزع "لذريق" عرش إسبانيا من أصحابه عمد "يليان" -بمعاونة أنصار الملك المخلوع وأقربائه- إلى استرجاع ملكهم، مستعينا في ذلك بالمسلمين الذين دانت لهم بلاد الشمال الإفريقي، وكان ذلك مقدمة الفتح.
وتتفق المصادر العربية على أن "يليان" توجه بنفسه إلى طارق بن زياد قائد القوات الإسلامية المعسكرة عند مدينة "طنجة" بالمغرب الأقصى -والقريبة من مدينة "سبتة"- يعرض عليه أن يساعده في دخول الأندلس. ولم يتردد طارق في الاتصال فورا بموسى بن نصير -وكان مقيما في القيروان- فأبلغه ما كان من أمر "يليان" ورحب بما عرضه عليه2.