ما يبرر الاعتقاد بأن العباسيين اعتبروا المساواة هى هدفهم الأساسى، بل إن ثورات البربر لم تكن بهدف المساواة الاجتماعية وإنما كانوا يهدفون -بتغلغل فكر الخوارج فيهم- إلى الاستقلال السياسى (إقامة دولة إسلامية ثانية مستقلة عن دولة الخلافة فى دمشق أو بغداد).
أدى التطور الطبيعى لمسيرة الأحداث -وليس بفعل جهود عباسية مقصودة- إلى أن تحققت المساواة بين غالبية العرب والموالى، وأصبحوا جميعًا -فى الغالب- رعايا عاديين، ولم يعد المجتمع قائمًا على أساس الأفضلية العربية، فقد أصبح الوصول للمناصب السياسية والثروة والنفوذ يعتمد على أمور ثلاثة: الانتساب لعضوية الجيش الأول المشكل فى خراسان، والانتساب إلى الدواوين فى العراق والانتماء لبيت الحاكم (الخليفة) بالمولاة أو بالعصب، وفى كل الأحوال كان السبق فى كل هذا للمسلمين من غير العرب (الموالى) رغم أن معظم المذاهب لم تقر بسيادة الموالى على العرب، ورغم أن زواج اللحمة بين العنصرين كان لا يحظى بتشجيع العرب.
كانت الحركة الشعوبية إذن نتيجة وصول الموالى لدرجة عالية من المساواة بينهم وبين العرب بل وتفوقهم عليهم فى كثير من الميادين، ولم تكن نتيجة ظلم وقع عليهم. فقد كان الوجدان الشعوبى قائمًا منذ العهد الأموى لكنه لم يعبر عن نفسه إلا فى أوائل العصر العباسى حينما أصبح الموالى فى وضع يسمح لهم بتوصيل صوتهم من خلال ما شغلوه من مناصب وبقربهم من الخيفة وتحكمهم أحيانًا فى مراكز الهيمنة الاقتصادية والاجتماعية، فقد جاءت الأفكار الشعوبية أساسًا من الموالى الذين يشغلون مناصب مهمة فى الدواوين ومن رجال البلاط والحاشية، وكان هدف بعض الأفكار الشعوبية هو حل الرابطة بين الإسلام والعروبة لأن هذه الرابطة كانت تقف حجر عشرة أمام تطلعات غير العرب.
اختلفت العلاقة بين العرب وغير العرب فى الأندلس عنها فى المشرق