عن إرسال قوافلهم إلى مكة مما يؤدى إلى زيادة مكاسب تجار مكة الأثرياء أصحاب القوافل.
من الواضح إذن من خلال تفهمنا لحلف الفضول ومن خلال شواهد أخرى أن مكة قد غدت فى ذلك الوقت مركزًا تجاريًا مهمًا. لقد أسهمت قداسة بالإضافة لإقرار نظام الأشهر الحرام -حيث يحرم حتى الأخذ بالثأر- فى ازدهار تجارة مكة لعدة قرون، لقد كانت التجارة فى مكة -إذن- منتعشة انتعاشا كبير، فى النصف الثانى من القرن السادس للميلاد، ويمكن أن نستنتج أيضًا أنه بسبب الحرب الفارسية البيزنطية أصبح الطريق عبر غريب شبه الجزيرة العربية أكثر أمنًا من الطريق من الخليج إلى حلب، وحتى لو لم يكن استنتاجنا صحيحا، فإن تجار مكة كانوا يسيطرون بالفعل على جانب كبير من التجارة بين الشام والبحر المتوسط من ناحية، وجنوب شبه الجزيرة العربية والمحيط الهندى من ناحية أخرى، وقد حدثنا القرآن الكريم عن رحلة الشتاء والصيف، ويقال: إن العادة جرت أن تكون رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام. وكانت القافلة تحمل بضائع لجماعات ولأفراد نظير جانب من الربح يُدفع لمنظمى القافلة الذين كان عليهم أن يعقدوا الاتفاقات والمعاهدات مع السلطات السياسية فى الشام وجنوب شبه الجزيرة العربية، والحيرة ونجاشى الحبشة للسماح لهم بالبيع والشراء، كما كان على منظمى القوافل عند الاتفاقات مع رؤساء القبائل أو زعماء البدو الذين تمر القافلة فى أراضيهم. وربما كانت حملة أصحاب اللَّيل التى أشار إليها القرآن الكريم كانت لرغبة أبرهة فى تقليص تجارة مكة التى كانت مزدهرة ازدهار، كبير، فأراد هدم الكعبة ذات القداسة التى كانت أحد أسباب توافد العرب عليها.
وتعد حرب الفجار علامة مؤكدة على مرحلة من مراحل تعاظم القوة التجارية لمكة إذ يبدو أنها نتجت عن تلاشى دور الطائف كمنافس لمكة ورضوخها فى خاتمة المطاف لتصبح تابعا لنظام مكة التى أصبحت مركزًا ماليا وليس مجرد منطقة تجارية.