قام بالحج إلى مكة مرتين فى عامى 356، 367 هـ (967، 978) كما رحل إلى حلب فى الفترة من 354 إلى 364 هـ (= 965 - 975 م) وزار خراسان سنة 374 هـ (= 984 م)، أما اعتزامه وضع كتابه فقد اتخذه وهو فى شيراز سنة 375 هـ (= 985 م) وقت أن مر بها كما يقول، ولكن متى كان مروره هذا؟ لا ندرى، ولكنه كان فى الأربعين من عمره.

على أنه يمكن أن يقال أنه تثقف بالثقافة التى تناسب طبقته الاجتماعية، فهو يستعمل فى مواضيع مختلفة هنا وهناك النثر المسجوع والشعر مما يشهد له بالدراسة التقليدية فى علوم النحو.

أما مجادلاته فقائمة على الفقه ومناقشة آراء المدارس الدينية والتشريعية مقدما فى كل هذا ما يدل على عناية ملحوظة بالنظم الأساسية، وربما كان المقدسى -كما يقول فى مقدمة كتابه- هو أول من دفعته الرغبة فى وضع عمل علمى أصيل يفوق به أسلافه فى الوصول إلى ما يمكن تسميته بحق بالجغرافية الحقيقية، وهو ينتمى إلى المدرسة التى يمكن تسميتها "بأطلس الإسلام" التى كان أول من أوجدها البلخى ثم استمرت ممثلة فى الأصطخرى وأتمها ابن حوقل الذى كان ساحرًا للمقدسى، الذى كان رائدًا لابن حوقل، وليس من شك فى أنه اعتمد على ما ألفه وما ورثه عنه، وكان هذا الضرب الجديد الذى استعمل البلخى من وصف للعالم الإسلامى شأنا جديدا مستحدثا لأول مرة، على أن تصنيف المادة وتنظيم الطريقة تجعلان المقدسى أول ممثل لهذه المادة عن جغرافية. البلدان الإسلامية فى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى)، وكان طموحه فى التنظيم وجمع محتوياته يظهر ميل المقدسى لإبداع مادة مفيدة لاسيما للتجار والأدباء، وهذه النقطة الأخيرة من النقاط الهامة، فقد طعّم كتابته بالنثر المسجوع والشعر، أما فيما يتعلق بالمحتوى (وهو يظهر المنهج الذى حدده المؤلف لنفسه والذى يبدو واضحا بدءًا من المقدمة إلى مادته فتبين أن المقدسى كان يهدف لأن يكون الكتاب شاملًا لجميع الفروع التى يمكن بها أن نسميه بمنطوقنا اليوم بالجغرافية من الجوانب الطبيعية والاقتصادية والإنسانية.

لقد اقتصر الكتاب نفسه -إذا نظرنا إلى الخريطة- على عالم الإسلام إلا باستثناءات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015