ويتولى أدباء عصر النهضة إحياء هذا الفن طبقا لقواعده الأصلية، اعتقادا منهم بأنه -باعتباره فنا يتفرد به الأدب العربى- أفضل وسيلة لتحفيز اهتمام القراء، وإحياء الثروة اللغوية التى أسئ استخدامها فى القرون السابقة. ومن كتاب المقامات فى هذا العصر ناصف اليازجى اللبنانى (1800 - 1871 م) صاحب "مجمع البحرين" ويحتوى على ستين مقامة (وليس خمسين) كتبها لأغراض تعليمية قلد فيها الحريرى بنجاح، وعبد اللَّه باشا فكرى (توفى 1890) صاحب "المقامات الفكرية فى المملكة الباطنية". كما تبرز أسماء مثل عبد اللَّه الفيضى من العراق، وإبراهيم الأحدب من لبنان، وغيرهم.
وتعتبر مقامات المويلحى "حديث عيسى بن هشام" الإنجاز الحقيقى لفن المقامات فى القرن العشرين، وهى أغنية التم (أغنية الوداع) لمؤلفها، وقد كانت محلا لدراسات متعددة، كما نجد مقامات توفيق البكرى "صهاريج اللؤلؤ" المنشورة فى 1907. وقد كتب حافظ إبراهيم "ليالى سطيح" فى نقد المجتمع بأسلوب المقامات الساخر.
ونلاحظ أن العنصر المسرحى للمقامات لم يستغل بشكل مرض. ويعتقد الدكتور على الراعى أن "خيال الظل" لابن دانيال مرتبط بالأدب من خلال فن المقامة. كما يبين أن الطيب الصديق من مراكش قد وضع مسرحيات لاقت نجاحا على أساس من أعمال الهمدانى، ولكنها محاولات فردية على أية حال.
تقليد فن المقامة فى اللغات الأخرى: كان نجاح هذا الفن الذى ابتدعه الهمذانى ووطد أركانه الحريرى لافتا للنظر عند بعض الكتاب من غير العرب، مما حداهم لتقليده. ففى بلاد فارس ذاع صيت "المقامات الأربع والعشرين" لحميد الدين البلخى (توفى 559 هـ/ 1156 م) والتى تضم محاورات تجمع شابا وعجوزا، سنيا ومسلما، طبيبا ومنجما، ووصفا للصيف والخريف، والحب والحماقة، ومناقشات فقهية وصوفية، وفيها ضحى الكاتب بالإحساس لحساب الشكل. وفى أسبانيا ترجم الحبر يهوذا بن شلمو