وفى نهاية عهد حكم إسماعيل وصلت ديون مصر إلى 100 مليون جنيه استرلينى. وقام إسماعيل، لسداد فوائد هذه الديون، برهن بعض المنشآت الحكومية العامة، كذلك قام ببيع حصة مصر فى قناة السويس مقابل مبلغ زهيد. ومع تزايد الديون ازداد التدخل الأجنبى فى شئون مصر وازدادت سيطرة القوى الأوربية عليها. واضطر الخديو اسماعيل إلى الموافقة على إنشاء "صندوق الدين" من مندوبى فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والنمسا، وكانت مهمته تسديد ديون رعايا هذه الدول. ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا، ازداد عدد الأوروبيين العاملين فى فروع الإدارة المصرية، وصار وزير المالية إنجليزيًا ووزير الأشغال فرنسيًا فى الحكومة التى شكلت فى سبتمبر 1878 م.

وبدأ فى ذلك الوقت تكوين رأى عام قومى، عبر عن نفسه فى صحف مستقلة ظهرت فى البلاد منذ سنة 1876 م، وفى حلقات نقاش، مثل تلك التى أقامها جمال الدين الأفغانى فى القاهرة سنة 1871 م بتشجيع من الحكومة المصرية. وفى أوائل سنة 1879 م قام أكثر من ثلثمائة موظف مدنى وضابط عسكرى وعلماء وأعيان بتوقيع عريضة قومية (لائحة وطنية) أوردوا فيها مطالبهم الوطنية وقدموها للخديو. وفى 7 أبريل قام الخديو إسماعيل بحل الوزارة التى كانت تضم الوزراء الأجانب، وقام فى اليوم التالى بتشكيل حكومة وطنية جديدة. واستتبع ذلك نشاط دبلوماسى فى العواصم الأوربية للتشاور فى الأمر. وفى نهاية الأمر أصدر السلطان العثمانى قرارًا بعزل إسماعيل عن حكم مصر (26 يونيو 1879 م) وتعيين ابنه محمد توفيق مكانه.

(د) القسم الأول من عهد حكم توفيق والثورة العرابية (1879 - 1882 م):

عادت السيطرة الأجنبية على مالية مصر فى عهد حكم الخديوى الجديد، لكن لم يعد هنالك مكان فى الوزارة الجديدة للوزراء الأجانب. وتم اتفاق نهائى بين الدائنين والحكومة على أن يُوحد الديْن ويُصبح مجموعه 98.378.000 جنيها استرلينى، وأن يخصص نصف دخل موارد البلاد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015