الحقيقة هى وضعت البلاد فى المواجهة المباشرة مع الحضارة الغربية، وأنها أدخلت مصر فى فلك لعبة السياسة الأوربية والاستعمار الأوربى.
(ب) الفترة العثمانية الانتقالية؛ محمد على (1805 - 1848 م):
بعد انسحاب الفرنسيين من مصر، حاول العثمانيون من ناحية والمماليك من ناحية أخرى الاستحواذ على الحكم، بينما قررت بريطانيا فرض نفوذها على مصر. وظهرت على السطح فى مصر آنذاك جماعة "علماء" القاهرة الذين أحرزوا مكانة مهمة أثناء الاحتلال الفرنسى وقيادتهم الشعب فى ثوراتهم ضده. والتف العلماء حول محمد على الضابط المقدونى الطموح، الذى وفد على مصر صحبة القوات العثمانية سنة 1801 م. وفى 13 مايو 1805 م، أعلن العلماء بقيادة عمر مكرم نقيب الأشراف وعبد اللَّه الشرقاوى شيخ الجامع الأزهر، عزل الوالى العثمانى خورشيد باشا وتقليد محمد على سلطات الوالى. واضطر الباب العالى أن يرضخ لإرادة الشعب المصرى ورضى عن اختياره لمحمد على واليًا عليهم. وأشرك محمد على العلماء معه فى السلطة بادئ الأمر، لكنه سرعان ما استبد بالحكم وتنكر للشعب الذى اختاره بإرادته، وتخلص محمد على من قيادة الشعب المصرى بإبعاده السيد عمر مكرم سنة 1809 م عن البلاد. ونجح محمد على فى التخلص من نفوذ المماليك فى الصعيد، ثم قام بتدبير مذبحة القلعة الشهيرة فى أول مارس 1811 م التى قضى فيها على معظم أمرائهم. ومنذ ذلك التاريخ أصبح هو السيد الوحيد الحاكم فى مصر مع الاعتراف بتبعيته للباب العالى.
وقام محمد على بعدة حملات عسكرية خارج مصر، شنها أولًا باسم السلطان العثمانى، ثم واصل أمرها بهدف توسعة مملكته. فأرسل سنة 1811 م حملة إلى الجزيرة العربية ضد الحركة الوهابية، وهزم قواتها فى الدرعية سنة 1818 م، وفرض السيادة المصرية على شبه الجزيرة العربية حتى بداية الأربعينيات. وفى سنوات 1820 - 1821 م استولت قواته على