بغداد إلى القاهرة مما حفظ للخلافة مكانها وأعطى الشرعية لحكم المماليك الذين اعتبروا حماة الرعية فى مصر وسوريا والمدافعين عنهم ضد أعداء الدين وخاصة ضد المغول. كذلك فإن كفاءة المماليك العسكرية سمحت لهم باقتلاع بقايا الوجود الصليبى من بلاد الشام. وعزز هذا الإنجاز العظيم دعواهم بأنهم ورثة الزنكيين والأيوبيين الذين أذكوا روح الجهاد ضد الغزو الصليبى للمنطقة.
وكان السلطان الملك الصالح أيوب قد جلب إلى مصر رقيق القبجاق من الأراضى شمال وشرق البحر الأسود بأعداد كبيرة، وأسكنهم فى جزيرة الروضة الحصينة على النيل، حيث أسس قلعته الجديدة هناك، وبذلك كوَّن لنفسه فرقة مسلحة موالية لشخصه وليس للبيت الأيوبى ككل، هذا البيت الذى انقسم على نفسه بعد وفاة صلاح الدين.
ونجح المماليك فى سنة 648 هـ/ 1250 م فى تولى زمام أمور السلطة السياسية فى مصر. وعجلت حادثة واحدة بهذا الإجراء، وهى انتصارهم فى المنصورة على قوات الصليبيين بقيادة القديس لويس التاسع فى ربيع 648 هـ/ 1250 م. ووقع هذا النصر فى الفترة التى تُوفى فيها الملك الصالح، وانتظار ابنه وولى عهده المعظم توران شاه ليتولى الحكم بعد قدومه من حصن كيفا على نهر دجلة. وتولت الحكم فى مصر شجرة الدر زوجة الملك الصالح، بعد قتل المماليك لتوران شاه، ثم تنازلت شجرة الدر عن الحكم لزوجها الأتابك أيبك التركمانى، أحد قواد الصالح أيوب.
ويعتبر معظم المؤرخين لمصر الإسلامية أن حكم أيبك هو حكم أول سلاطين المماليك للبلاد.
وفى العقد الأول لحكم المماليك لمصر، جرت محاولات من جانب حاكم حلب الملك الناصر يوسف الثانى، لغزو مصر. وتعرض قائد البحرية الفارسى أقطاى للقتل على يد سيف الدين قُطز بإيعاز من أيبك. ويُعتبر بيبرس البندقدارى الذى عُرف فيما بعد بالظاهر بيبرس المؤسس الحقيقى لدولة