بالضرورات الحرفية، فقد أدى تزايد الولايات المستقلة إلى زيادة المراثى ذات الطبيعة الرسمية، والتى تميل إلى تحرى الصنعة والإتقان على حساب العفوية وصدق المشاعر. ويتضح ذلك فى أشعار المتنبى الذى يكيل الثناء للفقيد، ويضيف إليه مدح وريثه الذى يتوقع منه العطايا.

أما رثاء المدن فأقدم نموذج له قصيدة أبى يعقوب الخرمى الذى يبكى خراب بغداد أثناء الحرب بين المأمون والأمين. وقد خصص ابن الرومى قصيدة ميمية شهيرة لرثاء البصرة بعد أن نهبها الزنج. كما أثار غزو المغول والحروب الصليبية وسقوط الأندلس أشجان الكثير من الشعراء فى هذا الخصوص.

وفى العصر الحديث استمر تقليد الرثاء، فنجد قصائد مصقولة بدرجة كبيرة منشورة فى الصحف والدوريات، أو معدة لتلقى فى المحافل لتأبين الفقيد، فنجد مراثى قيلت بمناسبة زعماء مثل محمد عبده وسعد زغلول وغيرهم. ويبرز فى هذا المجال شعراء أمثال أحمد شوقى وحافظ إبراهيم والزهاوى.

ويبرز من هذه الدراسة أن الرثاء يشغل مكانا هاما فى الشعر العربى من ناحية المضمون والكم، وأنه صقل الكثير من الشعراء ومكنهم من أن يعبروا عن أحاسيسهم بصدق, خاصة حين لا يكون الهدف ماديا. ومن هنا كان الانطباع السائد بأن الرثاء يحتوى على الجوهر الأسمى للشعر.

حسن شكرى [بيلات Ch Pellat]

2 - فى الأدب الفارسى:

إن أقدم قصيدة معروفة فى اللغة الفارسية الحديثة هى قصيدة فى نص مانوى يرجع تاريخها إلى ما قبل النصف الأول من القرن الثالث الهجرى، وهى مزيج من عناصر إسلامية ومانوية على ما يبدو، وربما تكون محتوية على مجاز مانوى خفى. أما القصيدة التى رسخت كثيرا من السمات الأسلوبية الخاصة للمرثية الفارسية فهى قصيدة الفروخى السيستانى فى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015