محل جدل مع الأشاعرة. وكان الماتريدى يؤكد "رؤية" المؤمن للَّه فى الآخرة، ولكنه يرفض فكرة إمكانية ردراكه، أى إمكان "ادراكه"، بالعين. ويرى أن "الكلام" صفة من صفات اللَّه الأبدية، وإن كنا لا نسمع هذا الكلام. وهو بذلك -شأنه شأن المعتزلة- يؤكد طبقا لما جاء فى القرآن الكريم {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (سورة النساء آية 164) - أن اللَّه خلق صوتا وجعل موسى يسمعه.
أما عن القدر المكتوب وحرية الإرادة فكان موقف الماتريدى وسطًا بين المعتزلة والأشاعرة. فهو يرى أن أفعال الإنسان من خلق اللَّه وخاضعة لإرادة اللَّه ومشيئته. وإذا كانت أفعال الإنسان هى من فعل اللَّه من جهة، فهى من جهة أخرى أفعال صادرة عن الإنسان -على سبيل الحقيقة لا المجاز.
ونابعه من "اختياره" الحر. ويؤكد الماتريدى أن اللَّه لا يُضل إلا من يعلم أنهم سيختارون الطريق المعوج ولا يهدى إلا من يعلم أنهم سيختارون الطريق المستقيم. فالاختيار مبدئيا هو اختيار الإنسان لا اختيار اللَّه كما يرى الأشاعرة. والماتريدى بذلك يرفض التفسير القدرى "للميثاق" الذى ورد فى القرآن. وبمقتضاه فرق اللَّه بين المتقين والضالين من قَبْل الخَلْق، وإن الضالين يقرون بربوبية اللَّه كرها، فقد منح اللَّه الإنسان القدرة على فعل الأفعال المضادة. "فالاستطاعة" لدى الإنسان نوعان نوع قبل العقل، ونوع مصاحب للعقل. إن فكرة تكليف اللَّه للإنسان بما لا يطاق فكرة غير مقبولة من حيث المبدأ -إن الماتريدى يعرف "الإيمان" بأنه "تصديق بالقلب" و"إقرار باللسان" أى تعبير عنه بالكلام. والأعمال ليست جزءا من الإيمان. فالأيمان -فى جوهره- لا ينقص ولا يزيد رغم ما يقال من أنه يزداد مع التجديد والتكرار. ويستنكر الماتريدى فكرة "الاستثناء" فيقول "إذا شاء اللَّه فأنا مؤمن" والمذنب المؤمن قد يعاقبه اللَّه ولكنه فى النهاية سيدخل الجنة. ويرفض الماتريدى الفهم التقليدى للعقيدة الذى يسانده الأشاعرة والذى يرى أن الإيمان غير مخلوق.