ذلك أن زاد على جده "المهدى" بإختياره أحد أبناء موسى الكاظم خليفه له. وكانت هذه البادره من "المأمون" مناقضه لسياسة دامت قرنا كاملا، وتحديدا منذ بداية دعم أهل خراسان للفرع العباسى. وكان على "السهليين" الذين سيطروا على أجهزة الدولة أن يخضعوا لهذه السياسة الحديثة لتفادى المهانة إلى تعرض لها البرامكة (عندما لم يشاركوا فى سياسة الرشيد المعاديه للعلويين).
ولقد أتاح الصراع على السلطة فى بغداد ومحاولات فرض "على الرضا" خليفة فسحه زمنيه لدعاه انفصال (الإستقلال الذاتى) "لاذربيجان" و"ارمنيا" و"العواصم" فى شمال الجزيرة والشام ومصر.
وقد أجبرت مقاومة "الابناء" الحسن بن سهل على ترك بغداد وفيها تشكلت سلطة ثلاثية بتعيين المنصور بن المهدى، (من جارية فارسيه)، مبعوثا "للمأمون" منذ 25 جمادى الأخرى 201 هـ/ 18 يناير 817 م. بالإضافة إلى تعاطف الطبقات الدنيا من الحضر مع حركة "سهل بن سلامة الأنصارى" وهو من أهل خراسان فى حى الحربية، وارتبطت قيادة "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" بالإستقلال السياسى والحكم الذاتى للأقليات الإجتماعية وفى ذات الوقت كان "أبو الهدايل" و"النظام " (بتشديد النون والظاء وفتحهما الذى أدخل "المعتزلة" إلى بلاط المأمون) يعملان فى اتجاه معاكس من أجل سياسة ممالئه للسلطة العباسية. أى أن عملية استعاده النصف الثانى من ولاية المأمون قد بدأت: فى 2 رمضان 201 هـ/ 24 مارس 817 م حين أعلن الأمون "على بن موسى الكاظم" خليفه له (على حساب اخيه المؤتمن) ولقبه "الرضا من المحمد" وتخلى عن اللون الأسود المميز للعباسين واختار اللون الأخضر (الكتيبه الخضراء لمحمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]) ومنذ ذلك الحين أصبح يمكن اختيار الخليفة الإمام من بين نسل هاشم السلف المشترك للنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] واعمامه "العباس" و"أبو طالب". وعندما بلغت هذه الأنباء العراق، بعد أربعه أشهر، كان للعباسيين وأعوانهم رد فعل حيال هذا العدوان على (حقوقهم المكتسبة)،