وقد أهَّلها موقعها هذا لأن تصير عاصمة لمملكة سبأ. وكانت مأرب إلى جانب ذلك من أهم أماكن الراحة فى طريق القوافل القديم الذى كان يربط مناطق إنتاج البخور بالبحر المتوسط. وكان ثمة طريقان مختلفان لهذه التجارة يلتقيان فى مأرب ثم يفترقان بعدها ليتجه أحدهما إلى الشمال الغربى عبر الجوف، ويتجه الطريق الآخر نحو الشمال، ليلتقيا من جديد قبل نجران وهى المكان المهم التالى فى ذلك الطريق.

وقد كانت مأرب قديمًا مدينة ضخمة ذات أسوار، تصل مساحتها إلى حوالى 110 هكتارات/ 275 فدانًا، ويبلغ محيطها ستة أميال، كما تدل آثارها الماثلة حتى الآن على أنها كانت رباعية الشكل، أقصى طول لها 1400 م وأقصى عرض لها 1070 م. وقد طُمست معالم تلك المدينة أو كادت نتيجة أعمال الحفر التى تمت فى العقود الأخيرة، ولهذا نُعَوِّل كثيرًا على معلومات الرحالة الأوربيين الذين تمكنوا فى القرن التاسع عشر الميلادى من اختراق هذه المناطق وسط ظروف محفوفة بالمخاطر.

وقد دلَّت البحوث التى أجراها المعهد الأثرى الألمانى بصنعاء على أن ترسبات الرى فى بعض المواقع يصل ارتفاعها إلى 30 م، فإذا كان معدل الترسيب 1 سم فى العام، بلغت فترة الرى 2700 عام، فإذا كانت نهاية ذلك الرى مع نهاية القرن السادس الميلادى تقريبًا، أو صدر القرن السابع، توقعنا أن تكون بدايته فى الفترة الأخيرة من الألف الثالثة قبل الميلاد.

أما النقوش فتطالعنا باسم مأرب فى نص من أقدم النصوص السبئية، فيظهر أحد حكام مأرب يقدم آنية حجرية إلى أحد الآلهة، وقد أرجع (هـ. فون فيسمان) هذا النص إلى عام 755 ق. م. على وجه التقريب، ومع ذلك فربما كانت مأرب عاصمة لسبأ قبل ذلك التاريخ. ولا تفتأ تلك النقوش التى تضم على الأرجح أقدم النصوص السبئية تحدثنا عن المطر الذى تنزله الربة عثتار (عشتار) على سبأ فى فصلى الصيف والربيع. أما اسم سبأ فقد كان فى الأصل اسم إحدى القبائل، ورد فى النقوش أكثر من مرة مقرونا بمأرب. كما نجد فى التراث العربى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015