تنتمى لبنان إلى عالم الثقافة العربية والحضارة الإسلامية، ومع هذا فكثير من اللبنانيين يجيدون الفرنسية وبعضهم يدين بالمسيحية. وبمجرد ظهور لبنان كدولة عام 1920 م، أخذت تبحث عن تأصيل هويتها، مثل كل دول الشرق الأدنى المعاصرة، من خلال الغوص فى أعماق التاريخ. ولم يكن رمز شجرة الأرز -بدلالتها فى العهد القديم- على علم لبنان ولا ثراء تجارها ومهارتهم، بل ولا حربها الأهلية التى اندلعت سنة 1975 م، إلا تأصيلا لهذه الهوية. ويعتبر اللبنانيون جزءا من الشعوب، التى أسست حضارتها من البحر المتوسط إلى بلاد الرافدين، والتى كان من خصائصها العائلة الأبوية (الأنتماء الأبوى) والزراعة والمدنية والإيمان باللَّه.
لقد أعلن الجنرال جورو Gauraud، المفوض السامى للجمهورية الفرنسية فى بلاد الشرق الأدنى، قيام دولة لبنان الحديثة فى سبتمبر عام 1920 م. ومن خلال الحدود التى خصصت لها، والتى أطلق عليها فى ذلك الوقت اسم "لبنان الكبرى"، فقد شغلت مساحة تقدر اليوم بما يقرب من 10450 كيلو مترا مربعا، ولم يكن امتدادها من الشمال إلى الجنوب يزيد على 210 كيلو مترا، وكان عرضها يتراوح من الشرق إلى الغرب ما بين 40 إلى 75 كيلو مترا. لقد أخذ مفهوم لبنان يتسع باضطراد ليشمل كل سلسلة الجبال التى تمتد من النهر الكبير شمالا إلى نهر الليطانى جنوبا، وهى نفس حدود متصرفية جبل لبنان العثمانية منذ سنة 1861, بل واتسع مفهوم لبنان ليشمل أكثر من هذا: جزءا من الجليل الأعلى فى الجنوب وسهل البقاع الأوسط والسفوح الغربية للجبال المطلة على لبنان بمفهومه السابق وجبل الشيخ.
وتنفيذا للمادة 22 من معاهدة فرساى، التى أنشأت نظام الانتداب،