زارها أحد المبشرين فى عام 1846 م فوجدها يبابًا مهجورة، ولكن بعد ثلاثين عامًا تحولت بفضل المستوطنين العرب والتطورات الزراعية التى أدخلوها إلى منطقة وصفت بأنها شونة الغلال التى تغذى الساحل وجزءًا من أرض الجزيرة العربية.
وأتى الكثير من الهنود المسلمين من مختلف الطوائف بأسرهم إلى المنطقة وأقاموا فى مُمبسة وماليندى ولامو وغيرها من المدن الكينية، ومارسوا العمل فى التجارة. وأقاموا لهم أحياءً خاصة بهم ومساجد مستقلة لكل طائفة، وجماعات دينية مستقلة. وتمتعت تلك المجتمعات الإسلامية بلون من الحكم الذاتى سمحت به إدارة السلطان أولًا ثم سلطات الاحتلال الغربية فيما بعد.
فكان لطائفة الإسماعيلية مثلًا التى تعتبر الأغاخان رئيسها الروحى، موظفون معينون مختصون بالإشراف على شؤونهم الروحية والاقتصادية والاجتماعية. وقد تعرض مجتمعهم لهزة فى منتصف القرن التاسع عشر الميلادى حول مسألة قداسة الأغاخان مما جعل بعض أبناء الطائفة ينشقون عليها وينضمون إلى طوائف الشيعة الأخرى ومنها الاثنا عشرية الذين بدأ وصولهم إلى المنطقة فى ذلك القرن.
وكانت ثانى أكبر طائفة من المسلمين المهاجرين إلى أفريقيا طائفة البهرة، وكان رئيسها يعرف بالداعية المطلق، وكان يعين ممثلين عنه للإشراف على شؤون الطائفة وتدبير أمورها.
وكان العامل الثانى لتوغل النفود الإسلامى داخل القارة التحركات القبلية، فمنذ القرن الثانى عشر الميلادى أخذت العشائر الصومالية فى منطقة القرن الأفريقى تضغط على القبائل الأفريقية وتزيحها جنوبًا، وفى القرن التاسع عشر وجه الصوماليون ضربة قاضية للجالا بعد أن عبروا نهر جوبا إلى منطقة تانا التى كانوا يسيطرون عليها، وأخضعوها لهم، وأدى الاحتكاك