كانبالو (بمبا أو زنجبار) كانت تحكمها أسرة مسلمة، وإن شعبها خليط من المسلمين وغير المسلمين.
وأظهرت الحفائر التى أجريت فى "جزيرة مندا" آثار مدينة عظيمة ترجع إلى ذلك التاريخ، ورغم أن الكثير من أبنيتها كانت من الطين والأعواد النباتية، لكن جدرانها المطلة على البحر من صخور مرجانية ضخمة، وكان وزن بعض قطعها يزيد على طن وأظهرت الحفائر كميات كبيرة من الفخار الإسلامى وبعض كسر البورسلين الصينى، مما يشير إلى صلاتها المباشرة ببعض الأقاليم الإسلامية. ولم تقتصر صلاتها التجارية على جنوب بلاد العرب فحسب، بل وامتدت إلى الخليج العربى وذلك فى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى).
ويبدو كذلك أن بعض المهاجرين من فارس (إيران)، وكانوا يعرفون بالبنادر، جاءوا واستقروا فى مدن الساحل الصومالى وتزاوجوا مع السكان الأصليين الذين كانوا يتكلمون لغة البانتو، وأسهموا فى تاسيس مقديشيو التى أصبحت فى القرن السابع الهجرى أهم مدينة إسلامية على الساحل الشرقى لأفريقيا. ثم انتقلت إلى الجنوب هذه الأسر الفارسية الأفريقية أو الشيرازية كما باتت تدعى. وأقامت فى بعض المناطق فى كينيا مثل شنجا ومَندا ومُمبسة وتزاوجت مع الأهالى، وصار أفرادها جزءًا من الأسر الحاكمة فى ماليندى وغيرها. وترتب على ذلك تأسيس عدد من الدويلات أو السلطنات الصغيرة التى تحكمها أسر مسلمة، ومن ثم فلا يجوز وصف تلك الدويلات بأنها مستعمرات عربية، فالملمح الغالب فيها لم يكن العنصر العربى، بل العقيدة الإسلامية، وقد نعمت تلك الدويلات فى الفترة من القرن السابع حتى العاشر الهجرى أى عند وصول البرتغاليين، بازدهار ثقافى ورخاء مادى لم يقدر لها أن تنعم بهما قط فى العصور التالية، وكانت كل دويلة منها مستقلة عن الأخرى، مما ينفى فكرة وجود إمبراطورية الزنج المزعومة. وكثيرًا ما كانت الحروب تنشب بينها، ولكنها مع ذلك كانت تتمتع بقدر كبير من الترابط التجارى والثقافى.
وكان أهلها يمارسون زراعة الذرة