والعلل الأربع، والمسائل العلمية الأربع وفى هذا المجال نجده من المنادين بالفلسفة والمدافعين عنها.
وكان يستلهم كتاب الميتافيزيقا لأرسطو بل إنه اقتبس منه فقرات. ووجه نقدا حادًا لمعارضى الفلسفة الذين هاجموها باسم الدين فى حين أنهم بعيدون عنه. وهو يرى أن المعرفة تأتى من مصادر عدة وهى قابلة للنمو، وهو يحترم رسالة النبوة، ويعقد مقارنة بين العلم الإنسانى والعلم الإلهى، فالأول قوامه جهد متواصل وإعداد منظم طبقا لخطة دقيقة -بينما الأنبياء يأتيهم الوحى من اللَّه عندما يشاء، ويرى ابن الجُلْجل أن الكندى كان أقرب فلاسفة الإسلام إلى أرسطو، وأخبرنا عنه أيضًا أنه قد كتب رسالة فى التوحيد مستخدما فيها مناهج المناطقة. أما القِفْطى فيرى أنه درس بعمق كل فروع الحكمة اليونانية والفارسية والهندية. وقد تبنى الكندى مفاهيم بعينها مستمدة من فلسفة أرسطو هى العلل الأربع، والمقولات والقضايا (المنطقية)، وأخذ من أفلاطون التأمل فى النفس وعلاقته بالبدن -وأسلوبه ومنهجه يتسمان بالدقة البالغة، والتجريد العالى والاقتصاد فى الصياغة منطلقا من بديهيات ليستنبط منها النتائج بطريقة منهجية على نسق التفكير الهندسى، وهو من ناحية أخرى يخالف اليونان حين تكون أفكارهم مخالفة للوحى القرآنى (كما هو الشأن بالنسبة لفكرة الخلق، وخلق العالم) فهو يلجأ عندئذ إلى عمل توفيق أو صياغة توفيقية بين بعض الأفكار الفلسفية وبعض كتابات المسلمين المؤمنين، بل وبعض كتابات المعتزلة. وتنتهى رسالة "الفلسفة الأولى" بعد حديثه عن "الواحد" و"الكثير" إلى نوع من التوحيد الفلسفى مع توجيه النقد للقائلين بصفات اللَّه ونجد تعليقا منه على الآيات من 78 - 82 من سورة يس وذلك فى معرض شرحه لرسالة العدد من تأليف أرسطو.
ونلاحظ أن الكندى يستخدم اللغة والمفردات ذات الأصل المشترك مع اللغة والمفردات الدينية، فهو يتحدث عن اللَّه بوصفه "الواحد الحق" وهو وصف قرآنى، كما يستخدم كلمة "ربوبية" وهى كلمة دينية، وذلك فى ترجمة