مالك كما فى الفهرست (طبعة فلوجيل، ص 95) لعب دورًا كبيرًا. وقد ترك هو لنا نفسه صورة فيها كثير من الفخر والمبالغة عن دوره، يتباهى فيها بانتصاره العظيم وعودته إلى أهله فى يوم واحد دون أن يترك وراءه سلاحًا واحدًا من أسلحته (الطبرى 6/ 349، 350، 364) وقد اشتهرت اسرة الكلبى بالعلم إلى جانب ما ذهبت به من الصيت العظيم فى مجال براعتها فى القتال حتى أنه قل أن ننظر فى كتاب من كتب العرب الأول إلا ونطالع إشارة إلى هذه الأسرة. ولعل أهم الكلبيين -وهم كثرة- من نختارهم فيما يلى:
1 - محمد بن السائب الكلبى الملقب بابى النضر المتوفى بالكوفة سنة 146 هـ (763 م) وقد أربى على الثمانين من عمره كما ضرب بسهم وافر فى جميع فنون العلم المعروفة فى زمنه سواء منها ما فى التاريخ العام أو تاريخ الأديان وأيام الجاهلية أو تاريخ اليهودية (انظر الملل والنحل للشهرستانى 1220 - 1264) أو تاريخ المسيحية (العقد الفريد لابن عبد ربه جـ 1 ص 157) وكذلك فى الشعر (ابن خلكان وفيات الأعيان، جـ 3 ص 436) والأدب وفقه اللغة والأنساب والحديث والأساطير القديمة، واستعان بمعرفته الواسعة فى وضع تفسير للقرآن الكريم يعد من أطول التفاسير كما يقول الذهبى (العبر، الكويت جـ 1 ص 106) ولعل هذا هو الذى حمل سليمان بن على أيام ولايته البصرة (من 133 حتى 139 هـ) لاستقدامه إليها ليقرأ للناس فى التفسير. وقد وضع ابن السائب الكلبى تفسيرًا لم يجر فيه على المعتاد مما جلب عليه معارضة سامعيه وإن كان هذا التفسير يعتبر اليوم فى عداد الكتب المفقودة، وقد أثَّرت نزعته الشيعية فى كتاباته ولاسيما فى تفسيره للأحاديث (انظر تفسير الطبرى، القاهرة ف 1374/ 76، 91، 216 - 217) حتى لقد رمى فى بعض الأحيان بالهرطقة والرفض والسبعية والإرجاء، كما اتهم بالتزوير والكذب، بل إنه لم يسلم فى القرن العشرين من خصوم له من علماء الأزهر (انظر أحمد شاكر فى طبعته