الصدارة فى البلاط وأن يستشاروا فى كل أمر من الأمور فقبل مروان شروطهم هذه كلها ومن ثم لم يكن من المستغرب أن ترمى قيس بكل ثقلها فى وقعة مرج راهط (64 هـ) إلى جانب ابن الزبير، على حين وقف الكلبيون وبقية اليمن إلى جانب مروان ومع ذلك فقد انتهت هذه المعركة بهزيمة ساحقة للقيسيين وهى هزيمة لم ينسوا أبدا مرارتها بل زادت حدة الصراع بينهم وبين الكلبيين زمن عبد الملك بن مروان إذ رأى القيسيون فى الاضطرابات السائدة زمن استخلافه فرصة لأخذ ثأرهم، وجاءت هذه الفرصة فى المعركة التى وقعت على نهر الخازر سنة 67 هـ (= 686 م) حين انسحب عمر بن الحباب السلمى بمن معه من القيسيين من ساحة القتال مما أدّى إلى انتصار العراقيين، ولقد أخذ كل من ظُفر وعمير فى شن سلسلة من الهجمات على هؤلاء الكلبيين الذين كانوا يعيشون فى بادية السماوة (الواقعة فى سورية والعراق)، ورد عليها الكلبيون بقيادة حميد بن حريث بن بحدل.

كانت هذه المعارك فاتحة سلسلة من الوقائع أشهرها معركة "بنات قين" التى انتصر فيها القيسيون، وإن كانت بنات قين هذه آخر المعارك بين الجانبين بفضل تدخل عبد الملك بن مروان وحكمته، فلما شب الصراع الحربى بين العباسيين والأمويين (سنة 132 هـ - 750 م) جاء من الكلبيين ألفان لمعاونة مسلم بن قتيبة والى البصرة الأموى، ووقفوا إلى جانب العباسيين وربما كان هذا التصرف هو الذى أدّى إلى اعتماد مروان الثانى على القيسيين اعتمادًا كليًا أو لأن الكلبيين أيقنوا أن الأمويين قد خسروا المعركة فأرادوا أن يكسبوا عطف النظام الجديد عليهم، ومع ذلك فقد قام الكلبيون فى نفس السنة مع آخرين من اليمن وشاركوا أبا الورد فى ثورته ضد الجيش العباسى الذى كان بقيادة عبد اللَّه بن على وربما كان تغير موفقهم هذا راجعا إلى عدم استرضاء النظام الجديد لهم، وشهدت دمشق زمن هارون الرشيد اضطرابات عنصرية بين اليمنيين والمضَريين، واستمرت هذه الاضطرابات زمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015