تفسر فحسب على ضوء الازدراء الذى يظهره الناس للنشاط اليدوى الحرفى، بل هناك أمر آخر يجب أن يؤخذ فى التقدير وبعين الاعتبار ونعنى به الفزع الخرافى الذى لا مبرر له من أن قد يصيبهم مس من نجاسة الساحر الصانع -وأن له اتصالًا بهذه القوة الطاغية التى جعلت القين السبئى وسيطا بين الرجل وبين القوى الخفية.
ولنا أن نتساءل: هل كان عرب الجنوب هم الذين علموا عرب الشمال فن الحدادة حسبما يرى بعض المؤرخين كما يقول البلاذرى فى كتابه أنساب الأشراف؟ إن هذا التساؤل وذلك الافتراض ربما كان مقبولا وله ما يؤيده من أن الحداد اليوم لم يعد يعتبر كما كان الحال سابقا منبوذا أو مكروها بأى حال من الأحوال، بل إن الذين تُنظر إليهم هذه النظرة هم تلك الطبقة التى تسمى بطبقة العناديل (وتضم الحلاق والجزار والحجام).
يمكن أن نضيف إلى ما ورد منها فى المتن ما كتبه Cbelhad: le Mande mytlique arabe; l'ar ganis ati an sociale au Yemen
بدرية الدخاخنى [ج. شلهود G. Shellhood]
القين أو بنو القين اسم يطلق على أكثر من قبيلة عربية، وهم فرع من "قضاعة"، والقين هنا كنية النعمان بن جسر ومن ثم تعرف القبيلة بالقين بن جسر، أما القين فمعناها فى اللغة "الرجل الذى يعمل بالحديد، ويعمل بالكير، ولا يقال للصائغ ولا للنجار قين"، وقد يراد به السخرية بالمرء والازدراء به كما جاء فى نقائض جرير والفرزدق، ولا صلة أبدًا بين "بلقين بن جَسْر" و"الحداد". ولقد كان من بين القبائل التى حاربها بنو القين قبائل كلب أو الكلبيين وغطفان.
وأراضى بنى القين كثيرة، فواحدة منها (واسمها تجْر) واقعة بين وادى القرى وتيماء، أما الأماكن الأخرى فأكثرها فى الشمال، ولعل من أدنى