المجتمع فقد أصبح لفظ "قين" تعبيرًا مستهجنا يطلق على "العبيد"، ونرى جريرا الشاعر فى قصائده التى يهجو فيها خصمه الفرزدق ينعته بعض الأحيان بابن القين، وكان هذا اللفظ ينظر إليه فى المجتمع الصحراوى كسبة بالغة حتى أن الأخطل -وقد أراد أن يرثى سماكا الأسدى- هجاه عن غير قصد -إذ أشار إلى أن واحدا من أسلافه كان حدادا.
ولقد استمرت هذه النظرة المستهجنة للصانع سارية بين البدو ونعرف ذلك مما ورد فى كتاب جزيرة العرب فى القرن العشرين لحافظ وهبة وفى قاموس العادات الأردنية للعزيزى، ذلك أنهم يعتبرون الصانع دخيلًا حتى ولو كان هو وأسرته قد عاشوا بينهم من أعقاب موغلة فى القدم، فالصانع لا يمكن قط أن يندمج فى القبيلة، ومحال لأى بدوى عربى -مهما كانت ضعة أصله ومولده- أن يرتبط بالصانع بروابط زواج، وقد أوضحت هذه الظاهرة الدراسة التى قام بها مونتان فى Vie Sacilre et Pabitique de l, Qralre du Nord (1932), p 74
أما الحدادون (جمع حداد)، فكانوا فى الأصل سكان الواحات وهذا ما يقرره مونتان مرة أخرى فى دراسته السابقة، وكان الحدادون ينتمون فى بعض الأحيان إلى تلك القبائل المنبوذة المشردة مثل جماعات النور أو الصلبة، والذين كانوا يؤلفون فيما بينهم طبقة منفصلة قائمة بذاتها ويعتبرون أنفسهم "بنى عم" (راجع فى ذلك Joussen latumes des Or abes au Pays du moab; Qaugbty: aralra Qeserta; musil mamers lgust ams of Rwala رضي الله عنهedouis وكان وصفهم الوضيع حاميا لهم من عواقب الغارات، ومن ثم فإنهم كانوا يتمتعون بحصانة تامة حيث يوجدون، فكانوا إذا أغارت قبيلة على القبيلة التى آثروا القين فى ظلها ووقفوا بمعزل عن القتال، لا يفعلون شيئا للدفاع عن أنفسهم أو عما يملكون اعتمادا على ما لهم من حق الحماية التى يتمتعون بها، فإن أخذت بضاعتهم وما يملكون