الصعود. وفى 355 هـ/ 966 م عندما أخذ نقفور فوكاس يتقدم فى اتجاه حلب تراجع سيف الدولة إلى قنسرين، ولكنه عجز عن الدفاع عنها فأخلاها، وجاء البيزنطيون فحرقوا مساجدها, واستقر جزء من سكانها فى شرقى الفرات ولجأ الباقون إلى حلب. وبعد قليل عاد الناس إلى سكنى المدينة ولكنها ما لبثت أن أحرقت فى 389/ 998 م ثم أعيد بناؤها ثانية. وفى 422 هـ/ 1030 م نهبها البيزنطيون مرة أخرى. وأعيد بناؤها على يد سليمان بن قُطُلْمشُ ولكن عدوه تاج الدولة تُتُش أخا السلطان قلِك شاه دمرها وأصبحت البلدة خالية من السكان من الناحية الفعلية. وقد مر ناصرى خسرو بها فى رجب 438 هـ/ يناير 1047 م فلم يجد إلا قرية بائسة.
اقتصر دور قنسرين فى عصر الحروب الصليبية على الناحية الاستراتيجية، وفى المحرم 513 هـ/ أبريل - مايو 1119 م أقام فيها إيلغارى دون أن يحتل حلب وجعل منها مخزنا للعتاد العسكرى ومرتكزا لشن الغارات على حارم والروج وجبل سماق.
وبعد ذلك بسنوات ضم طغتكين حاكم دمشق قواته إلى قوات اقْسُنْقُر وهاجما حلب. وجعل سَوار أمير حلب الذى عينه زنكى من قنسرين قاعدة لعملياته. وفى 529 هـ/ 1134 - 1135 م حاصرها "بونس" أمير طرابلس، ولكن زنكى الذى وصل على عجل من حمص فك الحصار. ووصف الرحالة ابن جبير (نهاية القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى) البلدة بأنها كانت أطلالا هجرها أهلوها.
لم تعد قنسرين منذ عهد الايوبيين تذكر كبلد، ولكن خانها كان يشار إليه باعتباره محطا تتوقف عنده القوافل القادمة من حلب متجهة إلى الجنوب والتى تجتاز مفترق الأثارب متجهة إلى الغرب. وظل الزوار يتوافدون على تل النبى عيسى (عليه السلام) فى البلدة فى طريقهم إلى مقام النبى صالح (عليه السلام) الذى هو فى الحقيقة مدفن الأمير