ذهب بعض هؤلاء اللاجئين من بعد ذلك إلى المدينة عند مقدم الرسول عليه الصلاة والسلام واعتنقوا الإسلام (البكرى جـ 1 ص 596) وتشير بعض الروايات إلى أن المهاجرين البلويين إلى المدينة أصبحوا حلفاء للأوس والخزرج (البكرى جـ 1 ص 28، وانظر الإنباه على قبائل الرواه لابن عبد البر، النجف، ص 128). ويمكن استنتاج وضع بلى فى المدينة من الروايات الواردة عن لقاء العقبة وأن سبعة من السبعين أنصاريا الذين بايعوا النبى فى هذا اللقاء كانوا بلويين، وهم عُوَيم بن ساعدة ومعن بن عدى وخَديج بن أوَيس وأبو الهيثم بن التيِّهان وأبو بردة بن نِيار والنعمان بن عمرو (أو ابن عِصْر) ويزيد بن ثعلبة. وتشك بعض الروايات فى انتساب بعض هؤلاء إلى بلى.
ولقد حارب رجال من بلى إلى جانب النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى معاركه مع قريش واستشهد بعضهم. وهناك رسالة غريبة تقول بعض الروايات إن النبى بعث بها إلى قوم من بلى هم بنو جُعَيل يتعهد لهم فيها بأنهم (لا يُحْشَر ولا يُعْشَرون) وفسر ابن سعد ذلك بأنه يعنى أن الصدقات لا تجمع منهم إلا مرة واحدة فى العام وأنهم لا يُجْمعون هم وقطعانهم فى أماكن جمع الصدقات، ولكن هذا التفسير لا يبدو مستساغا، وربما كان المقصود منه هو إعفاؤهم من العشور ومن الالتزام بواجب القتال إلى جانب المسلمين. وقد كلفهم النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بجمع الصدقات من بعض القبائل الأخرى، وأعطاهم وضع قريش لأنهم كانوا حلفاء لعبد مناف (ابن سعد جـ 1 ص 270 - 271). ولعل القصد من هذه المزايا التى أُعطيت لبنو جعيل كانت لاكتساب ولاء مجموعة قبلية حليفة لقريش وتأمين سيطرتها على مجموعات قبلية أخرى لصالح المجتمع الإسلامى الوليد.
كان هدف الحملة التى أرسلت إلى بِلَى فى العام الثامن الهجرى اكتساب ولاء هذه القبيلة وعونها للمجتمع الإسلامى، وكان من الضرورى لهذا المجتمع تامين تعاون بِلَى الذين يسكنون المناطق الشمالية من شبه الجزيرة العربية ويسيطرون على