الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} ويعد هذان الهدمان من الأحداث الحاسمة فى تاريخ بنى اسرائيل، فالرأى الإسلامى السائد هو أن المسجد الأقصى إنما يشير إلى القدس، ونرى عكس هذا فيما يقولونه من أنه لم يكن يوجد ثم بناء يقوم على موقع الهيكل زمن الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. وأن "الأرض المقدسة"، تسمى فى القرآن "بالأدنى" فى قوله تعالى {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} وليس بالأقصى الذى أريد به المسجد كما جاء فيما اقتبسناه من قبل سورة الإسراء آية 1 (*).
ومجمل القول أن الآية تعطى انطباعًا عن خبر عروج ليلى إلى قدس من الأقداس السماوية، ولكن معرفة حال موقع الهيكل فى التعريف الجغرافى لم تكن تدخل فى نطاق اهتمامات النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. كذلك يتشابه الموقف هنا بالموقف المتعلق بالقِبلة حيث جاء قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}. فهنا لا نجد نصًا صريحًا يذكر فيه كلمة القدس، ولكن الرأى الإسلامى أنها هى المقصودة "القبلة الأولى" وهو أمر صحيح لاشك فيه.
بعد وقعة أجنادين (فى صيف 13 هـ = 634 م) أصبح جنوب فلسطين متاحًا أمام المسلمين، ولم تكابد القدس أى حصار وقد جاءت أخبار ذلك فى الخطبة التى ألقاها ليلة عيد الميلاد سنة 634 م "سفرونيوس" البطرك العجوز وكانت قد مضت أربع سنوات منذ فتح المسلمين لفلسطين إلى دخول القدس