القاضى طبقا للشريعة الإسلامية ينظر فى جميع القضايا المتعلقة بالقانون المدنى والجنائى (أمور المعاملات والقصاص وغيرها) ولكن من الناحية العملية، كان فى الشرق الإسلامى منذ زمن بعيد منهجان لتطبيق الشريعة يمكن أن نطلق عليهما -إلى درجة ما من الصحة- المنهج "الدينى" والمنهج "الدنيوى". فالقضايا التى تتصل بالدين (الخلاف فى الأمور التى تتعلق بالأسرة أو الميراث أو المشاكل الشرعية الأخرى. . . الخ) تعرض على القاضى الشرعى ليحكم فيها طبقا لأحكام الشريعة، أما باقى المشاكل -طبقا للنظرة العامة السائدة فى الشرق- فإنها من اختصاص السلطات المدنية التى تحكم فيها عادة طبقا لمعايير أخرى.
وطبقا للشريعة الإسلامية يجب أن يكون القاضى من العلماء العدول (لا يرتكب ما يُلام عليه)، ملما إلى درجة كبيرة بأحكام الشريعة. وفى البداية، كانت معظم المذاهب تطلب أن يكون القاضى مجتهدًا، أى قادرًا على استنباط الأحكام من المصادر الدينية مباشرة. ولكن بعد ذلك لم يعد هناك من يعتبر مؤهلا لأن يفسر الشريعة، فأصبح القضاة مقلدين، أى ملتزمين بما أفتى به العلماء السابقون المجتهدون، فأصبح على القاضى أن يلتزم حرفيًا بالنصوص المذكورة فى كتب الفقه الخاصة بمذهبه.
وتعتبر إقامة العدل واجب دينى فى المجتمع الإسلامى، وعلى السلطة المختصة أن تعيِّن فى كل منطقة شخصًا مناسبًا ليكون قاضيًا، فإن لم يكن هناك إلا شخص واحد يعتبر صالحًا لمنصب القاضى، كان عليه أن يقبله بل كان عليه أن يطلبه إذا تجاهلته السلطة.
وعلى القاضى أن يدير محكمته طبقًا للأسلوب الذى وضعته الشريعة بالضبط، فعليه أن يساوى بين الخصمين فى المعاملة إذا كانا مؤمنين مساواة تامة، فإذا اعترف المدعى عليه أن المدعى على حق، لا يطلب القاضى دليلًا آخر، فإذا أنكر المدعى عليه، فإن