مقدمة لاحتلال الهلاليين للمدينة، وقد خلف إبراهيم أباه ثم جاء دور القاضى فقتله أهالى قابس لما كان عليه من الاستبداد "قد أدى اغتياله إلى نقل السلطة إلى بنى جامع الذين تحالفوا مع بنى هلال عن طريق الدهمانيين، ونعلم أن الخليفة الفاطمى المستنصر (427 - 487 هـ) جعل طرابلس من نصيب جماعة "زغبة" الذين قبعوا بطربلس، وقام أحد الدهمانيين الرياحين واسمه مكى بن كامل بن جامع فأسس دولته فى قابس بعد أن تخلص من أخ لميير تميم اسمه عمر بن المعز كان ثوار قابس قد جعلوا السلطة فى يده، وخلف مكى ابنه راف ثم رشيد بن كامل بن جامع أولًا (حوالى سنة 515 هـ) ثم جاء بعد فترة قصيرة من حكم المولى يوسف بن رشيد وأخيرًا مدافع بن رشيد ولقد ظل تاريخ قابس منذ منتصف القرن الخامس للهجرة (الحادى عشر الميلادى) إلى منتصف القرن التالى له (وهى فترة الولايات المستقلين وأشراف بنى جامع المباشر) سلسلة متصلة من الاضطرابات نشبت فى الداخل مؤامرات وصرعات لأخذ السلطة لكنها لم تتمخض عن فائدة. أما من الناحية الخارجية فقد عانت قابس من جراء سياسة التوسع التى انتهجها نرمان صقلية الذين كانوا يبذلون قصارى جهدهم للسيطرة على ساحل إفريقية وعلى الرغم من تعدد مرات الحصار التى كابدتها قابس (وانتهت بالفشل كحصار 474 هـ/ 1081 م و 479 هـ/ 1086 - حصار 486 هـ/ 1093 م و 511 هـ/ 1117 م) إلا أن خلفاء المعز استطاعوا استردادها وإن كان هذا الاسترداد لفترات قصيرة كالذى حدث سنة 489 هـ (1095/ 1096 م) و 542 هـ (1147 م) ثم أرادت المدينة مقاومة خلفاء المعز هؤلاء فجاهرت بانتهاج سياسة عدوانية صريحة إذ رحبت بأعدائه وأرسلت جندها إما على حدة أو مع الحلفاء لغزو عاصمتهم كما حدث فى سنوات 476 - و 493، 115 هـ (= 1083 - 1084 و 1099 - 1100، و 1117 - 8 م) وقامت قابس فى معارضتها لخلفاء المعز بالتحالف مع بنى هلال ونرمان روجر الثانى الذى أرسل لحاكم قابس (بناء على التماسه) تقليدا صريحا بحكم قابس