فكان يوازى فى قسمه الأول مجرى نهر الفرات الحديث حتى بدأ، منذ حوالى عام 1889 م، فى صب معظم مياهه فى فرع الهندية. وكان هذا الفرع الشرقى ينقسم بدوره بالقرب من بابل، فيخرج منه فرع إلى دجلة يعرف باسم نهر سورا الأعلى أو نهر النيل ويمر بمدينة النيل (النيلية الحديثة)، أما الغربى فكان يسمى نهر سورا الأسفل ولسنا نعرف مدى مطابقة مجراه مع مجرى الفرات الحالى أو قناتى النيل وشط الكار اللتين تسيران فى اتجاه جنوبى شرقى. وكان هذا الفرع ينتهى هو الآخر فى منطقة مناقع البطحة، ويخرج منه نهر آخر يعرف باسم أبى الأسد، وربما كان مجراه نفس المجرى الأسفل لنهر الفرات.
تلك هى الملامح العامة التى نستخلصها من مؤلفات الجغرافيين العرب لمجرى نهر الفرات قديمًا، وقد تغير مجرى هذا النهر على مر العصور، وأدرك العرب القدماء أنفسهم هذا، فنرى المسعودى فى مروج الذهب يشير إلى أن السفن البحرية كانت تصل قديمًا إلى النجف فى مجرى النهر "العتيق".
ويصل طول نهر الفرات من نقطة التقاء كاراسو ومرادسويو حتى البصرة 2333 كيلو مترًا مربعًا. وهو يروى حوضًا عظيمًا تقدر مساحته فى سوريا بحوالى 229 ألف كيلو متر مربع وفى العراق 444 ألف كيلو متر مربع، ولكن معظم أرض الحوض فى تلك المنطقة صحراوية ولا تغذيه بالمياه.
لذا يستمد النهر مياهه من المنطقة الجبلية الشمالية. ومتوسط تدفق المياه السنوى فى منطقة هيت فى منتصف مجراه تقريبًا 838 مترًا مربعًا فى الثانية، وهو معدل غير كبير إذا قورن بنهر الراين (2200 متر مربع فى الثانية واللوار 935 مترا مربعًا فى الثانية).
ويتذبذب معدل تدفق المياه من سنة إلى أخرى، فقد يرتفع فى منطقة هيت إلى 1140 مترًا مربعًا فى الثانية كما حدث عام 1941، وقد ينخفض إلى 382 م مترًا كما حدث عام 1931 م. كما أن منسوب المياه يتذبذب من فصل إلى آخر، فهو أعلى فى الشتاء منه فى الصيف.
ويختلف انحدار مجرى النهر من بلد إلى آخر، ففى تركيا الجبلية يكون