المعتمد لهذا الطيران وهذه الصيحات. وبغض النظر عن معنى "زجر" (الإثارة، ومطاردة الأفراد بالصيحات أو دفع الطيور للطيران أو قراءة الطالع أو ممارسة الكهانة) فإن العادات العربية لا تزال تحتفظ بما يدل على ممارسة "الزجر".
ولكن وكما حدث للفأل والطيرة -سرعان ما بدأ الزجر يفقد معناه البدائى وكذلك سماته المميزة، وأصبح يرمز إلى طالع النحس أو الكهانة بشكل عام- والحق أن هناك فى بعض الأحيان نوعا من الزجر يختلط بالكهانة وهذا يؤدى بنا لأن نقول إن الزجر كان -كما كان فى آشور وبابل- حقًا مقصورًا على العراف الذى كان يجمع وعلى الأخص فى الجزيرة العربية -بين وظائف عدة ويتصرف كحارس على القوانين فى مجتمع بدوى يفتقد النقاط البؤرية الضرورية لتثبيت هذه القوانين وتأمينها.
وهكذا نجد فى كتابات الجاحظ أن الزجر يتضمن تفسير هديل الحمام، وصيحات الطيور، والظهور المفاجئ لأى حيوان يسير من اليمين إلى الشمال أو من الشمال إلى اليمين، وحفيف أوراق الشجر، وتنهيدة الريح وأشياء أخرى مماثلة مبشرة أو منذرة.
ويشار إلى "الزجر" على أنه "عيافة" وهو ما ينطبق على اجراءات متعددة من الكهانة أما بالنسبة للطيور التى يعتبر طيرانها وصيحاتها موضوع الفأل أو الطير أو الزجر، فهى متنوعة أما الطائر الذى يُكثر العرب من الإشارة إليه فى موضوع الكهانة فهو الغراب ومع ذلك فإن هذه الأمور الثلاثة لا تقتصر على الطيور. وذلك لأن أى حيوان يمكن أن يستخدم فى الطالع.
وإن وجهة الطائر فى طيرانه أو خطوات الحيوان على الأرض، لتلعب دورا مهما جدا فى تطبيق هذه الإجراءات الثلاثة. وهناك مصطلحات فنية تحدد الاتجاهات المختلفة: فالسائح هو الذى يطير من اليمين إلى الشمال؛ والبارح هو الذى يطير من الشمال إلى اليمين والجابح وهو الذى يأتى من الأمام، والقائد أو الخفيف وهو الذى