بالحضارة الغربية من خلال البعثات التعليمية فى سوريا خاصة بطرس البستانى (1819 - 1883 م) وأحمد فارس الشدياق (1801 - 1887 م، وناصف بن إبراهيم اليازجى (1847 - 1906 م)، وكذلك فى تونس مثل محمد بيرم (1740 - 1889 م) أن يستجيبوا للدوافع نفسها، وينهجوا النهج نفسه، وهذا لا يمنع أن هؤلاء جميعا كانوا من بين منشئى الدوريات الصحفية العربية الجديدة وخاضوا تجربة الكتابة الصحفية.
لقد أدى تطور الصحافة الجديدة فى مصر -التى كانت فى بدايتها تحت إشراف سورى ثم سرعان ما تولى أمرها مصريون- إلى إرساء أساس متين لأدب عربى جديد. ففى خلال الحقب الأخيرة من القرن التاسع عشر والحقبة الأولى من القرن العشرين كانت الصحف مسرحا يحقق الأدباء من خلالها شهرتهم (باستثناء الشعر) وبدأت الآداب العربية تخوض مجالات اجتماعية جديدة وتتناول أفكارًا بأساليب جديدة ومختلفة مثل: كتابات محمد على (1849/ 1905 م) الصارمة ولكنها مفعمة بالحياة، ومقامات محمد المويلحى (1898 - 1930 م) وهى مقامات لمسها التطوير والتحديث رغم أنها نهجت منهج المقامات العباسية، والكتابات الأنيقة لمصطفى لطفى المنفلوطى (1876 - 1924 م)، والنثر الوظيفى الذى تميزت به كتابات جورجى زيدان (1861 - 1914 م)، وكتابات يعقوب صروف (1852 - 1927 م) وكتابات قاسم أمين (1865 - 1908 م) بالإضافة للكتابات الحماسية ذات اللغة المنمقة والتى اتضحت فيما كتبه ولى الدين يكن (1873 - 1921 م) ومصطفى كامل (1874 - 1908 م)، والكتابات العامية الساخرة ليعقوب صنوع "أبو نظارة " (1938 - 1912 م) وعبد اللَّه النديم (1844 - 1896 م).
وفى الوقت نفسه قدمت لنا الصحافة السورية فى بلاد المهجر نوعا جديدا من المقالات الأدبية وقصائد النثر التى خرجت عن النظام الشعرى التقليدى، ومن فرسان هذه الصحف