وتلى ذلك سنة 17 هـ (638 م) تأسيس البصرة كمعسكر حصين على شط العرب، وأخذت فى النمو والقوة والاتساع. كما تأسست الكوفة الواقعة جنوبى بغداد سنة 17 أو 18 هـ (639 م) التى قدر لها أن تصبح العاصمة الجديدة للعراق لتحلّ محل "المدائن" التى هجرها سكانها شيئا فشيئا.

على أن فتح العراق النهائى تم بانتصار المسلمين فى وقعة "نهاوند" (21 هـ = 642 م) فانفتحت الحدود الإيرانية أمام القوات الإسلامية، وتحولت كل من الكوفة والبصرة إلى مدينة قائمة بذاتها وكان لكل منهما حاكم مستقل عن الآخر.

ولقد حارب علىّ قرب البصرة وهزم خصومه فى وقعة الجمل عام 36 هـ (= 656 م) وجعل الكوفة مركزا له، وذلك أثناء محاربته معاوية والخوارج الذين انتصر عليهم فى وقعة النهروان سنة 38 هـ (= 658 م) ثم اغتيل هناك أيضا على يد ابن مُلْجم سنة 40 هـ (= 661 م).

وأدى انتصار معاوية والى الشام وقيام الدولة الأموية إلى رجحان كفة الشام على العراق على الرغم من أن العراق كان حينذاك أغنى وأكثر سكانًا، وكان أهله -أكثر تمرسا من أهل الشام بالإدارة والحكومة.

فقد أُلقيت مقاليد الحكم فى العراق زمن معاوية إلى زياد بن أبيه الذى ولى أولا البصرة سنة 45 هـ (665 م) ثم حكم الإقليم كله منذ سنة 50 هـ (670 م) حتى موته سنة 53 هـ (673 م) فخلفه ولده عبد اللَّه بن زياد سنة 55 هـ (675 م) الذى هو مسئول عن قتل الحسين فى كربلاء سنة 61 هـ (= 680 م) فى زمن يزيد الخليفة، وجرت فى السنوات التالية ثورة عبد اللَّه ابن الزبير الذى أنكر على يزيد الخلافة ووقف إلى جانب أغلب سكان الكوفة والبصرة (لا سيما بنو تميم)، وعهد بحكومة العراق إلى مصعب بن الزبير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015