الوصاية). ويزعم أن عليا لم يمت وسيعود ليملأ الأرض عدلا، وبذلك أدخل مبدأ الرجعة، ويُسبغ على علىّ الألوهية وأنه وراء الغمام وأن الرعد هو صوته -ويعزو أهل السنة (كما يقول الطبرى) إلى دهائه أنه أوجد أول شرخ بين الصحابة (انظر خطط المقريزى جـ 2/ 334)، كما يقال إنه أثار ثائرة المصريين ضد عثمان لما زعمه من حقوق لعلى، وأنه كان السبب فى الدم المراق بين على وطلحة والزبير على أيدى قتلة عثمان. ويعتبره الشيعة فى بعض الأحيان مثلا للغلاة حتى لقد لعنه جعفر (انظر الكشى: معرفة أخبار الرجال، ص 70) ولقد أصبح ابن سبأ موضوع أخبار يستغلها كل من الجانبين فى مهاجمة الشيعة الغلاة والدفاع عنهم، ويقال إن عليا أمر بحرقه هو أو بعض أنصاره لادعائهم بأن الإمام هو اللَّه، وقد استغل الإسماعيلية هذا الخبر لصالح ابن سبأ فقالوا: إن النار لم تضره إلا ظاهريا (راجع المقدسى، بدء الخلق جـ 5/ 181).
وليس من الواضح لدينا من يكون الشخص أو الأشخاص الذين كانوا وراء ابن سبأ فى نشاطه السياسى ضد عثمان رضى اللَّه عنه، ويرى "فريد لاندو" أن دور ابن سبأ الخطير لم يكن فى تأليهه عليا ولكن فى نفى الموت عنه وتأكيده أن ذلك لم يكن إلا فى الظاهر وأنه -أى على- سيأتى فى النهاية فى السحاب. وربما كان ذلك يتواءم مع الخلفية اليهودية اليمنية المنسوبة إلى يهود أثيوبيا المعروفين بالفلاشا، أما "كايتانى" فيذهب للقول بأن ابن سبأ يعتبر مؤيدا سياسيا خالصا لعلى، نسجت الأجيال التالية له من خيالها مؤامرة دينية كالتى قام بها العباسيون، ويعتبر "ماسينيون" فى كتابه "سلمان باك" المطبوع بباريس عام 1934 أن سبئية زمن المختار ليسوا إلّا فرعًا من الفرق الغالية".
(1) الطبرى: تاريخ الرسل والملوك، طبعة M.J.عز وجلe Goeje، ليدن 1879 - 1901، الجزء الثانى، ص 2941.
(2) الشهرستانى: الملل والنحل، لندن، 1846، ص 132.
سعيد عبد المحسن [م. ج. س هدجسون M.G.S. Hadgson]