سنة 35 هـ (يونية 656 م)، وخرجت عائشة من مكة بعد ذلك بحوالى أربعة أشهر قاصدة البصرة فى ألف رجل من قريش منادين بأنهم يريدون الأخذ بثأر عثمان، وكان طلحة والزبير قد انضما إلى عائشة قبيل ذلك، وأصبح الثلاثة زعماء حركة تناهض عليًا، وقد استطاعوا أن يقبضوا على ناصية الأحوال فى البصرة، وخرج معهم كثير من مسلمى البصرة إلى أرباض هذا البلد ليلقوا عليًا الذى كان فى هذه الأثناء قد ترك المدينة إلى الكوفة وتقدم لملاقاتهم. وعرفت الوقعة التى التقى فيها الفريقان بوقعة الجمل (جمادى الآخرة سنة 35 هـ = ديسمبر سنة 656 م)، ذلك أن آخر قتال فيها دار حول الجمل الذى كان يحمل هودج عائشة، وانتصر علىّ وتفرَق جيش معارضيه، وأحسن على معاملة عائشة، ولكن طلحة والزبير فقدا حياتيهما.
وعاشت عائشة بعد هذه الهزيمة حياة هادئة فى المدينة أكثر من عشرين سنة، ولم تشارك فى السياسة بعد مشاركة فعالة، ذلك أنها تصالحت مع علىّ ولم تعارض معاوية. ومع ذلك فقد ظل اعتراضها أو موافقتها على الأمور له بعض الوزن. وتوفيت فى رمضان سنة 58 هـ (يولية سنة 678 م). وقد وصفت فى الأزمنة المتأخرة بأنها كانت مثالا للتقوى. ولكن ليس من اليسير أن نتبين السند فى هذا القول.
ويقال إن عائشة روت 1210 من الأحاديث النبوية الشريفة، على أن البخارى ومسلما لم يحتفظا من هذه الأحاديث إلا بثلثمائة حديث وحسب. ويقال أيضا: إنه كان لديها نسخ خطية من القرآن، كما أن قليلا من القراءات تعتمد على روايتها (Materials for the History of she Qoran: صلى الله عليه وسلم. Jeffery، ليدن سنة 1927، ص 231 - 233). وكانت عائشة على بصر بالشعر وقدرة على روايته، كما عرفت بالفصاحة والدراية الواسعة بتاريخ العرب وغير ذلك من الموضوعات.
(1) ابن هشام، الفهرس
(2) البلاذرى: أنساب الأشراف، جـ 5
(3) الطبرى، الفهرس
(4) ابن الأثير، الفهرس