ثم كان أهلها خليطا من أقوام شتى، وقد أكره هيرودس بعضهم على الاستقرار فيها، واجتذب البعض الآخر إليها مزايا شتى، على أنه حدث تغيير غريب فى تاريخ متأخر عندما أصبحت طبرية مركزًا من أهم مراكز الحياة اليهودية الخالصة ومركزًا للدراسات التلمودية، وهنالك سنت مجموعة القوانين المعروفة باسم "المشنا" حوالى سنة 200 ميلادية؛ وفى مستهل القرن الرابع الميلادى وضع "كتاب الكمارا" الفلسطينى وهو ما يعرف بالتلمود الأورشليمى، وفيما بين القرنين الثامن والتاسع الميلاديين استقرت طريقة الحركات الطبرانية التى كانت قد عم استعمالها، وكان المدرس العبرى لهيرونيموس (جيروم) يهودى من طبرية؛ وقد بقيت ذكرى العلماء اليهود الذين عملوا هنا بفصل تلك المجموعات من المقابر ومن بينها قبرا الحبرين يوحنان بن زكّى R.Johanan G. Zakkal وعقيبا R.صلى الله عليه وسلمkiha؛ وقد اكتشفت جبانة يهودية قديمة أخرى فيها عدد من التوابيت بقرب الباب الغربى للمدينة، وحدث هذا عندما شق طريق جديد.

وتغلغلت المسيحية بعد قسطنطين الأكبر فى الجليل، وإن كان تغلغلها قد تم فى بطء، وتضمنت أثبات المجامع المقدسة أسماء بعض أساقفة طبرية؛ وكان الإمبراطور هادريان Hadrian قد شرع فى تشييد معبد فى هذه البلدة، ثم أكمل هذا المعبد.

وأعاد يوستنيانوس بناء أسوار المدينة المتهدمة، ويقال إن اليهود الذين كانوا فى البلدة ناصروا الفرس عندما غزوا هذه البلاد سنة 614 ميلادية، وكان هذا شأنهم فى كل مكان آخر؛ وفى سنة 13 هـ (635 م) انتقلت طبرية إلى يد المسلمين، وقد اقتضاهم الأمر إلى فتح بعض بلدان الأردن عنوة، على أن طبرية استسلمت للقائد العربى شرحبيل الذى أمّن أهل البلدة على حياتهم وعلى نصف دورهم وكنائسهم وفرض عليهم أن يؤدوا كل سنة جريبًا من القمح أو الشعير عن كل جربب من الأرض ودينارًا عن كل رأس من الغنم، واحتفظ لنفسه أيضًا بموضع يقيم عليه مسجدًا، ونقض أهل البلدة هذا الاتفاق فى خلافة عثمان فغزا عمرو بن العاص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015