يتمكن حماد البربرى وإليه الخامس على صنعاء من الظفر بالمتمرد: هيصم ابن عبد المجيد الهمدانى والإتيان به أسيرا من السراة إلى صنعاء إلا بعد كفاح دام تسمع سنوات. وكانت المدينة فى ذلك الوقت، أى حوالى عام 188 هـ (803 م)، تكاد تكون خرابا.
ولم تتحسن الأمور فى بداية القرن الثالث حين حكم إبراهيم بن موسى بن جعفر الجزار العلوى البلاد من صنعاء إلى مكة، وكان يجمع بين صفة الغامر والوالى الذى يشغل منصبا رسميا. وكانت خطبة خصمه الوالى حمدوية بن ماهان لا تقل عن خطته غموضا. ولم تجد الحكومة آخر الأمر بدا من أن تلجأ إلى القواد الترك من الحرس. وقد غدا يعافره قبيلة حوالى فيما قبل عام 257 هـ (870 م) أصحاب الأمر فى صنعاء، وكان ذلك فى الحق بفضل حل وسط قضى بأن يذكر محمد بن يعفر، اسم الخليفة المعتمد فى الخطبة ويدفع الجزية للزيادية فى زبيد، بل إن حكم اليعافرة كثيرا ما كانت تشوبه القلاقل فى صنعاء نفسها، وشاهد ذلك أنه عندما ولى إبراهيم بن محمد الأمر فيها عام 27 هـ (872 م) أشعل المواطنون النار فى قصره وكانوا من قبيلة شهاب المنافسة له ومن الأبناء الذين كانوا يكنون له العداوة غالبا.
وفى ذلك الوقت هاجم صنعاء جماعتان من الشيعة فأغار عليها من الشمال، أى من صعدة، يحيى بن الحسين الزيدى الذى احتل المدينة لأول مرة أربعة أشهر أو خمسة سنة 288 هـ (901 م) كما أغار عليها من الجنوب على بن الفضل القرمطى واتخذ قلعة المذيخرة قاعدة له، وسيطر على صنعاء من قلعتها فى مستهل عام 293 هـ (905 م) مدة شهرين أو ثلاثة فى بادئ الأمر. وفى النزاع المتصل بين اليعافرة والزيدية والقرامطة والموالى المشاغبين من يعافرة أسرة طريف والولاة العباسيين والقواد غزيت صنعاء ما لا يقل عن عشرين مرة فى السنوات الاثنتى عشرة منذ دخول يحيى لأول مرة حتى نهاية القرن (913 م). فقد سلمت المدينة ثلاث مرات بعد مفاوضات، وحوصرت بلا طائل