لثمود قصورًا فى السهول، ثم يذكر معها البيوت فى الجبال فيقول: ". . . وبوأكم فى الأرض تتخذون من سهولها قصورًا، وتنحتون من الجبال بيوتا. . . " الأعراف/ 74 - . . لو قدر ذلك بان له أن ذكر القرآن البيوت بعد القصور يؤذن بأن تكون البيوت هنا معنى آخر من معانيها اللغوية، ولا غرابة فى أن تكون منحوتات ثمود فى الجبال، بعد قصور السهول هى المقابر التى يذكرونها. . ولا مفارقة بين ما يقوله القرآن، وبين ما يوجد من مقابر ثمود المنحوتة فى الجبال، لأنها البيوت فى قول القرآن.
وليس فى هذه الفقرة، مع ذلك، ما يمهد لهجوم الكاتب بل إن فى صنيع القرآن، بذكر القصور، والبيوت معا، من الدقة ما يلفت إلى الفرق بينهما، ويؤيده أن تكون هذه المنحوتات فى الجبال بيوتا -أى قبورا- مع قصور السهول.
- 4 -
قال الكاتب: "ومما يلفت النظر علاوة على ذلك أن قصتى صالح وهود تناقضان دعوة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] المألوفة. . أنه لم يرسل من قبله نبى إلى العرب: سور كذا وآيات كذا؛ فمسألة القبور والبيوت شبهة، ثم يلفت النظر علاوة عليها ما يذكره من التناقض! !
والكاتب هنا أكثر إخلالا بالمنهج، حين يقول "لم يرسل من قبله نبى إلى العرب" ويستشهد لدعوته المزعومة بآيات نضعها هنا ليبدو دخل الاحتجاج بها، فعند ذكر القصص/ 46 - والذى فيها {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ}. وذكر سورة السجدة، والذى فيها {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ}. وذكر سورة سبأ والذى فيها: {وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ}؛ والحديث عن قوم محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] حين تتلى عليهم الآيات البينات فيقولون: ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم. . وما هذا إلا إفك مفترى؛ وذكر يس وفيها {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ}.
وواضح من هذه الآيات أن الحديث ليس عن العرب بعموم هذا اللفظ الذى أخذ منه الكاتب ما سماه تناقضا، بل الحديث عن الجيل والقوم الذين جاءهم