والآن ألّه عليّا. والذى يؤخذ من تاريخه أنه وضع تعاليم لهدم الإسلام، وألف جمعية سرية لبث تعاليمه، واتخذ الإسلام ستارًا يستر به نياته؛ نزل البصرة بعد أن أسلم ونشر فيها دعوته فطرده واليها، ثم أتى الكوفة فأخرج منها، ثم جاء مصر فالتفَّ حوله ناس من أهلها. وأشهر تعاليمه الوصاية والرجْعَة؛ فأما الوصاية فقد أبنّاها قبل، وكان قوله فيها أساس تأليب أهل مصر على عثمان، بدعوى أن عثمان أخذ الخلافة من علىّ بغير حق، وأيد رأيه بما نسب إلى عثمان من مثالب. وأما الرجعة فقد بدأ قوله بأن محمدًا يرجع، وكان مما قاله: "العجب ممن يصدِّق أن عيسى يرجع، ويكذب أن محمدًا يرجع! " ثم نراه تحوَّل -ولا ندرى لأى سبب- إلى القول بأن عليّا يرجع. وقال ابن حزم إن ابن سبأ قال -لما قتل علىّ-: "لو أتيتمونا بدماغه ألف مرة ما صدقنا موته، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا". وفكرة الرجعة هذه أخذها ابن سبأ من اليهودية، فعندهم أن النبى "إلياس" صعد إلى السماء، وسيعود فيعيد الدين والقانون، ووجدت الفكرة فى النصرانية أيضًا فى عصورها الأولى، وتطورت هذه الفكرة عند الشيعة إلى العقيدة باختفاء الأئمة، وأن الإمام المختفى سيعود فيملأ الأرض عدلًا، ومنها نبعت فكرة المهدى المنتظر.
والناظر إلى هذا يعجب للسبب الذى دعا إلى الاعتقاد بألوهية علىّ، مع أن أحدًا لم يقل بألوهية محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وعلىّ نفسه يصرح بالإسلام وتبعيته لمحمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. والعلة فى نظرنا أن شيعة علىّ رووا له من المعجزات والعلم بالمغيبات الشئ الكثير، وقالوا إنه كان يعلم كل شئ سيكون، ووضعوا على لسانه ما جاء فى نهج البلاغة: "اسألونى قبل أن تفقدونى، فوالذى نفسى بيده لا تسألوننى عن شئ فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تَهْدى مائة وتضل مائة إلا أنبأتكم بناعقها، وقائدها وسائقها ومناخ ركابها ومَحَطّ رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلًا، ومن يموت منهم موتًا. . . إلخ" ورووا له أنه أخبر بقتل الحسين، وأخبر بكربلاء، وأخبر بالحجَّاج، وأخبر بالخوارج ومصيرهم،