عند أحد الفريقين يختلف كل الاختلاف عند الآخر من حيث السبب والغاية. وأهم ما يجدر أن يذكر من اصطدام الشيعة والصوفية هو اشتراك أبى سهل النوبختى الشيعى الإمامى المتوفى سنة 311 هـ (923 م) اشتراكا فعالا فى القضاء على الحلاج. وكان الحلاج قد أغضب الشيعة إغضابا شديدا بطبيعة الحال بسبب دعواه أنه الوكيل لسيد الزمان الغائب؛ صلى الله عليه وسلمl Hallaj, martyr mystique de l'Islam: L.Massignon, باريس 1922، جـ 1، ص 138 وما بعدها)
أما موقف الشيعة من الفلاسفة، فأقل ما يوصف به، أنه موقف ريبة، لأن النظر العقلى فى أصول الدين ربما يقوّض أساس الشيعة، كما تبين ذلك للإمامية من موقف الغلاة، وما أنذر به من خطر، لكن يوجد بالرغم من هذا كثير من نقط الالتقاء والتداخل، فهناك صوفية وفلاسفة ظهروا فى الوقت نفسه شيعة شاعرين بشيعيتهم ولم يكن القضاء عليهم ليتأتى بمجرد الرد المألوف عليهم. ومن ثم توجد فى كل القرون أمثلة تبين التنافر من حيث الأسس والأصول بين الشيعة والفلاسفة إلى جانب أمثلة تبين التجاذب المتبادل بينهم؛ فخواجه نصير الدين مؤلف كتاب: "أوصاف الأشراف" وهو كتاب صوفى لين (طهران 1320 هـ)، قد كان يعظم الحلاج، على الرغم من الحكم المخالف من جانب ابن بابويه ومفيد والشيخ الطوسى وابن المطهَّر. ويوجه النقد لرجب بن محمد الحافظ البرسى بأنه مجدد الصوفية بين الشيعة، لأنه أقام مذهبه على تأويلات خادعة هوائية وعلى مبالغات شيعية متطرفة؛ لكن عالما كالمجلسى، مع أنه عدو للصوفية، قد استفاد فى كتابه: "بحار الأنوار", وإن كان ذلك فى شئ من التحفظ، من كتب البرسى مثل كتاب: "مشارق الأنوار" الذى ألفه سنة 800 هـ (1397 م).
وأهل التفكير الهادئ يقرون ما فعله الملا صدرا، أعنى محمد بن إبراهيم الشيرازى المتوفى بين سنتى 1040