والقاهرة. وكان هذا الكتاب عونًا للمقريزى على كتابه "المواعظ والاعتبار، فى ذكر الخطط والآثار".
ومن العلماء الذين كانت لهم صلات بالجامع الأزهر: أبو على محمد بن الحسن بن الهيثم، الذى نشأ بالبصرة، وعنى بدراسة الرياضيات والفلسفة والهندسة، ولم يلبث أن أصبح عالما متقنًا لعلوم كثيرة.
وقد ولاه الخليفة الحاكم بأمر الله بعض الدواوين. ولما توفى الخليفة استوطن ابن الهيثم قبة على باب الجامع الأزهر، واشتغل بالتصنيف والنسخ والإفادة. وكان له خط قاعد فى غاية الصحة. ولم يزل على ذلك إلى أن توفى سنة 436 هـ.
ومن معاهد الدراسة بمصر، التى قامت إلى جانب الجامع الأزهر، دار الحكمة التى أسسها الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمى فى سنة 395 هـ. وقد أطلق عليها هذه التسمية رمزاً إلى الدعاية الشيعية؛ لأن مجالس الدعوة كانت تسمى مجالس الحكمة. وقد زود الحاكم هذه الدار بمكتبة، عرفت باسم دار العلم، حوت الكثير من الكتب فى سائر العلوم والآداب، من فقه ونحو ولغة، وكيمياء وطب، وسمح لجميع الناس بالتردد عليها.
وكان الطلاب يتلقون فى دار الحكمة، إلى جانب فقه الشيعة، كثيراً من علوم اللغة والفلك والطب والرياضة والفلسفة والمنطق. وهكذا اختلفت مناهج التعليم فى هذا المعهد عن مناهج التعليم فى الجامع الاْزهر؛ إذ كانت تغلب على مناهج الأزهر الصبغة الدينية.
وصفوة القول إن الحركة العلمية فى مصر، فى العصر الفاطمى، سارت بخطى واسعة نحو التقدم والارتقاء؛ فظهرت بها طائفة من الفقهاء والمؤرخين والعلماء والفلاسفة والأدباء، الذين أسهموا فى النهضة الثقافية، التى تجلت فى هذا العصر، وكان للأزهر الفضل الأكبر فيها.
قضى صلاح الدين الأيوبى على الدولة الفاطمية فى سنة 567 هـ. (1171 م)، وأعاد مصر إلى حظيرة